jad

في سبيل استعادة الدولة الوطنية

موقع الأوان – 8 نيسان / أبريل 2007

يبدو لنا، بعد تصف قرن من الفرص الضائعة أن الحل الذي يربح فيه الجميع هو استعادة الدولة الوطنية والارتقاء بها إلى دولة ديمقراطية، أي إعادة إنتاج الدولة الوطنية الحديثة، دولة الحق والقانون المعبرة عن الكلية الاجتماعية والقائمة على مبدأ المواطنة؛ أي إعادة إنتاج الجمهورية مقدمة ضرورية لمشروع وحدوي ديمقراطي قد يفضي إلى نوع من اتحاد جمهوريات ديمقراطية. فلم يعد جائزاً بعد تجربة العقود الماضية تعليق الإصلاح السياسي على تحقيق الوحدة العربية ودحر الإمبريالية وتحرير فلسطين وبناء “الاشتراكية”، خلافاً لمنطق العقل ومنطق الواقع ومنطق التاريخ. ولم يعد جائزاً أن ينظر إلى المشروع الوحدوي إلا بوصفه مشروعاً ديمقراطياً تقرر الشعوب شكله ومضمونه بإرادتها الحرة. وإلا فسوف يظل الفكر السياسي خارج الواقع و خارج التاريخ .
المقدمة الأولى للدولة الوطنية وضمانة تحولها إلى دولة ديمقراطية هي تحرر الأفراد من الروابط والعلاقات الطبيعية ما قبل الوطنية كالعشائرية والمذهبية والعرقية، واندماجهم في فضاء اجتماعي وثقافي وسياسي مشترك هو الفضاء الوطني. وهذه عملية تاريخية مركبة، مركزها وأساسها نمو العمل البشري وتطور قوى الإنتاج، وتطور الفكر والوعي، واندماج العلم بالعمل، بالتلازم الضروري. فالوطنية والديمقراطية في التحليل الأخير هي عملية / عمليات إنتاج المجتمع لحياته ونظامه العام، أي إنتاج ثروته المادية والروحية وأشكال وجوده الثقافية والسياسية، وأهمها الدولة السياسية أو الدولة الوطنية بما هي تجريد عموميته وتحديده الذاتي. فالأفراد الطبيعيون الذين يحررهم العمل من روابطهم وعلاقاتهم ما قبل الوطنية أو ما قبل القومية وهما بمعنى واحد، يتحدون وينصهرون في دائرتين.
الأولى: هي دائرة الإنتاج الاجتماعي الحديث، دائرة المجتمع المدني، التي يتعين فيها دور كل منهم في عملية الإنتاج وموقعه في السلم الاجتماعي ونصيبه من ناتج العمل الاجتماعي، في ضوء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتقسيم العمل الذي تفرضه موضوعياً، فيكتسب الأفراد جراء هذه العملية صفات جديدة ومحمولات جديدة ينقسمون بموجبها فئات اجتماعية أو طبقات اجتماعية مختلفة ذات مصالح متباينة، وتنشأ فيما بينهم علاقات جديدة مؤسسة على المصالح المباشرة تغدو علاقاتهم الطبيعية القديمة إلى جانبها ثانوية وهامشية. ويغدو تنظيم العمل الحديث منطلقاً لعقلنة الحياة الاجتماعية وإعادة بنائها على أساس المنفعة التي لا تلبث أن تتخذ طابع المنفعة العامة أو المصلحة العامة أو الخير العام التي تعبر عنها الدولة السياسية. هذه الدائرة هي دائرة التنافس والتنازع والصراع، وهي المسرح الحقيقي للتاريخ، بتعبير ماركس، يندفع فيها الأفراد بحكم مصالحهم المشتركة إلى تأليف جماعات ضغط وجمعيات ونقابات وأحزاب سياسية تغدو أطراً مدنية حديثة للتعارضات الاجتماعية أو للصراع الاجتماعي الذي يعبر عن حيوية المجتمع ويحدد وتائر تطوره واتجاه سيره. في هذه الدائرة تتمايز مجالات الحياة الاجتماعية: الاقتصادية والثقافية والسياسية، ويستقل كل منها استقلالاً نسبياً يؤسس لمبدأ فصل السلطات واستقلال كل منها استقلالاُ نسبياً على صعيد الدولة الوطنية.
تتأسس هذه الدائرة على ثلاثة مبادئ أساسية هي:
1 – الإنسانوية، أي الاعتراف المبدئي والنهائي بالكرامة الإنسانية، وبأن الإنسان هو معيار جميع القيم ومنتجها، وبأن الماهية الإنسانية تتجلى في الفرد الذي يستمد قيمته منها، لا من أصله وفصله ونسبه وحسبه، ولا من ثروته أو تراثه، ولا من عقيدة دينية أو دنيوية، وبأن الفرد، ذكراً أم أنثى، ذات حرة ومستقلة ومسؤولة وشخصية فريدة، وجميع الأفراد متساوون في الإنسانية، ويتوفرون على استعدادات وملكات وإمكانات متساوية، من حيث هم مختلفون في جميع الصفات الأخرى، وبأن شرف الفرد وعلو منزلته منوطان بما يقدمه من نفع لمجتمعه ولبني جنسه. الإنسان غاية في ذاته ولذاته، لا يجوز أن يكون وسيلة لأي غاية مهما سمت، وحريته وحقوقه الطبيعية والمدنية والسياسية مقدمة على كل ما عداها. الإنسان يستمد قيمته من ذاته، وكل شيء في عالم الإنسان يستمد قيمته من الإنسان. فليس ثمة ما هو جوهري في عالم الإنسان سوى الإنسان ذاته.
في ضوء ذلك تبدو قضية حقوق الإنسان قضية مركزية في نسق الحداثة وفي منظومتها القيمية وفي الثقافة الديمقراطية سواء بسواء. ولا يمكن فصل مقولة الحرية أو مشكلة الحرية، بتعبير الفلاسفة، عن قضية حقوق الإنسان وكرامته. ومن المهم أن نلاحظ أن هذه القضية كانت غائبة عن الثقافة العربية وعن الفكر السياسي خاصة، ولا تزال غائبة، ولذلك كان من السهل تذويب الفرد في العشيرة والطائفة والجماعة الإثنية وفي الحزب السياسي «الحديث“وفي”الطليعة الثورية“، والتضحية بحقوقه وبحياته أحياناً على مذبح”القضايا الكبرى“. وهل هنالك قضية أكبر أو أسمى من قضية الإنسان ذاته؟. وهذه التضحية لم تكن وليست اليوم في”ثقافة الاستشهاد” تعبيراً عن حرية الفرد أو تعبيراً عن الحرية، بل هي تعبير عن غياب الفرد وغياب الحرية معاً. إن غياب قضية حقوق الإنسان عن الثقافة العربية وعن الفكر السياسي خاصة هي جذر تعلقنا بالتحرر من، لا بالحرية. وليست حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الجماعات القومية والدينية والمذهبية وغيرها سوى تفريعات على أصل هو حقوق الإنسان.
وهذا لا يعني القفز عن حقوق هذه الجماعات وتجاهلها، وحصر حقوق الإنسان في نطاق الفرد فحسب. فحقوق الإنسان مبدأ عام يتعين واقعياً في حقوق الأفراد وحقوق الجماعات على السواء، ولا سيما الجماعات الإثنية / اللغوية والثقافية، كالكورد والآثوريين والأرمن والشركس وغيرهم، وكذلك الجماعات الدينية والمذهبية؛ إذ لا تتعلق حقوق هذه الجماعات بعدد أفرادها أو بلغتها أو بثقافتها أو بمعتقداتها، بل بمبدأ الحقوق المتساوية ذاته. ومن ثم فإن أي انتقاص من حقوق هذه الجماعات أو من حقوق إحداها هو انتقاص من حقوق الإنسان بوجه عام، ونقص في مبدأ الدولة الوطنية بوجه خاص، ونقص في مبدأ الوطنية الذي ليس له من تحديد موضوعي سوى عضوية المواطنين المتساوية في الدولة الوطنية. مبدأ التواصل والتسامح، على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، ومبدأ المواطنة، على الصعيد السياسي يحفظان كلاهما الحقوق الثقافية واللغوية لسائر الجماعات الإثنية ويدمجان ثقافاتها في النسيج الحي للثقافة الوطنية، ويؤسسان للاندماج الوطني ونشوء حقل ثقافي مشترك هو الثقافة الوطنية وحقل سياسي مشترك هو الدولة الوطنية؛ فإن تشظي الحقل السياسي في جميع البلدان العربية هو النتيجة المنطقية لتشظي الحقلين الاجتماعي والثقافي.
الوطنية ليست مسألة قيمية تشتق منها أحكام ذاتية عن وطنية هذه الجماعة أو تلك أو لا وطنيتها وعن وطنية هذا الحزب أو ذاك أو هذا الاتجاه السياسي أو ذاك أو لا وطنيته. “اليمينيون” و “الرجعيون”، مثلاً، ليسوا أقل أو أكثر وطنية من “اليساريين” و “التقدميين”. ليس هنالك في رحاب الدولة الوطنية من هو أكثر أو أقل وطنية من الآخر. الوطنية هي صفة الدولة يامتياز؛ والدولة الوطنية هي التي تمنح الأفراد هوياتهم الوطنية وتمنح الجماعات والفئات الاجتماعية والأحزاب والتيارات الفكرية المختلفة هويتها الوطنية. الوطنية هي الانتماء الخالص إلى الوطن/ الدولة، ولا وطن بلا دولة. ولا يخلو أن يكون هناك من يخالفون قوانين بلادهم ويتواطؤون عليها، هؤلاء متواطئون أو خونة بالمعنى الجرمي الحقوقي للكلمة. فلا يجوز الركون بعد اليوم إلى واقعة أن كل من يوالي الطغمة الحاكمة أو “الحزب الثوري” وطني وكل من يعارضها أو يعارضه غير وطني. ولا يجوز حصر الوطنية في فئة اجتماعية أو جماعة إثنية، وإن تكن الأكثرية، أو في حزب سياسي أو تحالف أحزاب. الوطنية صفة للدولة وتحديد ذاتي لجميع مواطنيها، وهي كالإنسانية صفة غير قابلة للتفاوت والتفاضل.
2 – العلمانية، بفتح العين، وهي التتمة المنطقية والتاريخية للإنسانوية، تعني، على المستوى الوجودي، رفض أي سلطة على عقل الإنسان وضميره سوى سلطة العقل والضمير. وتجلى ذلك تاريخياً في رفض سلطة المؤسسة الدينية، لا في رفض الدين، أي في رفض سلطة مؤسسة “الدين الوضعي” التي كانت ولا تزال تؤسس الاستبداد الديني وتعززه وتؤازر الاستبداد السياسي وتعززه. وتعني،على المستوى الاجتماعي، تساوي جميع الأفراد في حرية الفكر والضمير وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، ونمو الدين، بما هو ضمير فردي، وضمير جماعي، وبما هو مبدأ معرفة ومبدأ عمل ومبدأ جهاد النفس الأمارة بالسوء، في رحاب المجتمع المدني وفق قوانينه الخاصة، وصيرورته وازعاً أخلاقياً يرقى بالقانون الوضعي العام إلى مرتبة المبدأ المقدس لدى جميع الأفراد والجماعات والفئات الاجتماعية. وعلى هذه القاعدة لا يحق لأي جماعة أن تفرض عقيدتها الدينية أو الدنيوية على المجتمع، ولا يحق لها كذلك أن تغض من شأن المعتقدات والمذاهب الأخرى. العلمانية بهذا المعنى هي التجسيد العملي للمساواة. وعلى الصعيد السياسي، تعني العلمانية حياد الدولة الإيجابي إزاء جميع الأديان والمذاهب والمعتقدات، وإزاء جميع الاتجاهات والمذاهب السياسية والأيديولوجيات. الدين لله والوطن للجميع، ذلكم هو المبدأ العلماني الذي يتسق مع مفهوم المجتمع المدني الحديث والدولة الحديثة. وقد تجلت العلمانية على الصعيد السياسي في رفض ازدواجية السلطة إلى سلطة روحية تمثلها المؤسسة الدينية، وسلطة زمنية تمثلها الدولة، وفي إرساء مفهوم السيادة على مفهوم الحق الوضعي وتفويض الدولة سلطتها للعاهل، كما في الملكية المطلقة والملكية المقيدة أو الدستورية، ثم لحكومة منتخبة من الشعب، مقابل الحق الإلهي والتفويض الإلهي للملوك والأباطرة والقادة الملهمين. والحرية بما هي وعي الضرورة وموضوعية الإرادة وإمكانية الاختيار لا تنفك عن العلمانية، ولا سيما حرية الفكر والضمير التي قاومتها مؤسسة الدين الوضعي ولا تزال تقاومها سواء بقوة الأعراف التقليدية أو بقوة السلطات الاستبدادية. الاستبداد الديني والاستبداد السياسي صنوان يتغذى كل منهما من الآخر ويغذيه. وبؤرة الاستبداد الديني هي احتكار الحقيقة الإلهية الذي أسس مبدأ “الولاء والبراء” وأنتج التحاجز الاجتماعي والانقسامات العمودية، ولا يزال يعيد إنتاجها على كل صعيد.
3 – العقلانية، وتحيل هنا على تنظيم المجتمع انطلاقاً من تنظيم الإنتاج الاجتماعي، وفق المبادئ التي يفرضها نمو العمل وصيرورته عملاً صناعياً يحتل العنصر الذهني فيه موقعاً مميزاً، سواء على صعيد إدارة الإنتاج والخدمات التي يقتضيها، أو على صعيد الإدارة العامة، إذ تحل قيم الشغل والمنفعة والإنجاز واحترام العمل واحترام الوقت واحترام القانون، وقيم الجدارة والاستحقاق محل القيم التقليدية. ومن أهم هذه المبادئ: التفريد والتجريد والتعميم، وهذه من أهم خصائص العقل. إذ يتعلق العمل المشخص في أي ميدان من ميادينه أو فرع من فروعه بالفرد المشخص وما لديه من خبرات ومهارات ومؤهلات وما يتوفر عليه من جدارة علمية وعملية وأخلاقية، وهذا هو معنى التفريد. ولكن العمل المجرد لا يستطيع أن ينظر إلى الفرد إلا بصفته عاملاً منتجاً للقيمة، بغض النظر عن جميع صفاته الشخصية ومحمولاته الذاتية وتحديداته الاجتماعية، سواء كان مالكاً أو أجيراً، يتحدد نصيبه من ناتج العمل بمقدار ملكيته وبكفايته ومهارته ومؤهلاته. أي إن التحديد الرئيس للفرد في نطاق العمل المجرد هو كونه منتجاً للقيمة، بغض النظر عن جنسه (ذكراً أو أنثى) ودينه وعرقه وحسبه ونسبه، وهذا هو معنى التجريد. وهنا تأخذ علاقة الأنا والآخر الجدلية، لا التعادمية، في التموضع، إذ يغدو كل فرد “أنا” لنفسه و “آخر” لغيره وتغدو حقوق الآخر وحريته حدوداً معترفاً بها لحقوق الأنا وحريته. كل عامل أجير يقول عن نفسه: أنا عامل أجير، وكل رب عمل يقول عن نفسه: أنا رب عمل، وهكذا كل مهندس وكل محام وكل طبيب … وبهذا فقط تتشكل منظومة حقوق العمال الأجراء وحقوق أرباب العمل، وأرباب المهن الحرة، وتغدو حقوق العمال واجبات أرباب العمل وبالعكس، وهو ما يؤسس لحقيقة أن حقوق الأفراد هي واجبات الدولة. الأفراد الذين يوحدهم العمل على هذا النحو يخضعون في البدء لنظام عام يسري عليهم جميعاً، ثم يلتزمون هذا النظام (بعد أن يدرك كل منهم أن القانون وضع من أجله، وهنا تتجلى القيمة التربوية والأخلاقية للقانون الوضعي العقلاني الذي يصير بحكم تقدم الوعي قانوناً أخلاقياً) سواء في نطاق إدارة العمل المعني أو في نطاق الإدارة العامة، وهذا هو معنى التعميم. وقد تجلى التنظيم العقلاني للحياة الاجتماعية في إدارة الإنتاج في جميع فروعه وفي إدارة الخدمات التي يقتضيها من جهة، وفي بيروقراطية الدولة من جهة أخرى. أي في البيروقراطية على الصعيدين الخاص والعام. ولذلك صارت الإدارة علماً قائماً بذاته، وغدت العقلانية، كالإنسانوية والعلمانية، قيمة في ذاتها من قيم الحداثة.
والدائرة الثانية هي دائرة الدولة السياسية، أو الدولة الوطنية التي تختفي فيها لا التحديدات الذاتية والاجتماعية والعرقية للأفراد فحسب، بل للفئات الاجتماعية أيضاً. نتحدث هنا عن الدولة بصفتها تجريداً للعمومية وتحديداً ذاتياً للشعب، بتعبير ماركس، وهو معنى تجاهله الماركسيون خاصة، في أحسن الفروض، ولم ينغرس في الفكر السياسي العربي إلى يومنا، ويلتبس غالباً بمعنى السلطة السياسية أو الحكومة، أي بالتجربة السياسية المباشرة للأفراد والجماعات الذين لا تبدو لهم الدولة إلا في هيئة أشخاص ذوي وجاهة وقوة ونفوذ.
المبادئ التي تتأسس عليها هذه الدائرة هي:
1 – العمومية: عرف ماركس الدولة بأنها “تجريد العمومية”؛ وبهذا يتفق مع جميع الفلاسفة الليبراليين (المثاليين). فتكون الدولة بمقتضى هذا التعريف دولة جميع مواطنيها بلا استثناء ولا تمييز، لا دولة طبقة رأسمالية أو بروليتارية ولا دولة جماعة إثنية أو عشيرة أو جماعة دينية، ولا دولة حزب ولا دولة طغمة تحتكر السلطة والثروة والقوة. المجتمع المدني عند ماركس وغيره ينتج الدولة السياسية، أي الدولة الوطنية، تعبيراً عن كليته ووحدته التناقضية، بما هو مجتمع الأفراد المختلفين والجماعات المختلفة والطبقات أو الفئات الاجتماعية المختلفة ذات المصالح المتعارضة. من دون هذا الإنتاج المثالي، التجريدي، الذي هو محصلة القوى الاجتماعية المعبر عنها بالعقد الاجتماعي، يظل المجتمع عرضة للفوضى والنزاع والشقاق و“حرب الكل على الكل”. والكلية والوحدة اللتان تعبر عنهما الدولة السياسية يحيلان على ما هو عام ومشترك بين جميع أفراد المجتمع المعني، وهو إرادة التعاقد على نظام عام يحمي حياة الجميع ومصالحهم ويصون كرامتهم ويوفر لهم الأمن والطمأنينة والحياة الكريمة، وانطلاقاً من هذا المعنى يمكن تعريف الدولة بأنها الإرادة العامة، أي حرية الجميع في اختيار المشاركة في الحياة المدنية، ولذلك تنطوي تجربة الحرية على تجربة الدولة التي هي إرادة موضوعية وحرية موضوعية مقابل الإرادة الذاتية والحرية الذاتية. وهذه المقابلة تضع تعارضاً وتنشئ جدلاً بين الحرية الذاتية والحرية الموضوعية، أي بين الفرد والدولة. وتعريف الدولة على هذا النحو يضع تعريفاً جديداً للسياسة بأنها علم إدارة الشؤون العامة، لا علم إدارة البشر والأشياء على النحو الذي يتساوى فيه البشر والأشياء.
الفرد الطبيعي، بجميع صفاته الفردية ومحمولاته الذاتية وتحديداته الاجتماعية، هو أساس المجتمع المدني. هذا الفرد نفسه يغدو في نظر الدولة فرداً مجرداً من جميع هذه الصفات والمحمولات والتحديدات هو المواطن المتساوي مع غيره في الحيثية الإنسانية وفي الحقوق. المواطن هو تجريد الفرد الطبيعي، وهو من ثم أساس الدولة السياسية، والدولة هي تجريد المجتمع المدني. وهنا تكمن عموميتها. وتجدر الإشارة إلى أن المواطنة لا تلغي صفات الفرد ومحمولاته الذاتية وتحديداته الاجتماعية، ولكن الدولة لا تتعامل مع الفرد على أساسها، بل على أساس كونه فرداً مجرداً، مواطناً فحسب، وهنا يكمن المعنى العميق لعلمانية الدولة وحيادها الإيجابي إزاء صفات أعضائها ومحمولاتهم الذاتية وتحديداتهم الاجتماعية. فلا يعقل أن تكون الدولة تجريداً للعمومية وتنحاز إلى الراشدين ضد الأطفال، مثلاً، أو إلى الرجال ضد النساء أو إلى المسلمين ضد المسيحيين أو إلى الأغنياء ضد الفقراء أو إلى “التقدميين” ضد “الرجعيين” أو العكس. وهذا التحديد يضع حداً فاصلاً، على الصعيدين المفهومي والواقعي، بين الدولة والحكومة أو السلطة السياسية التي، على الرغم من عموميتها، تنحاز إلى طبقة اجتماعية معينة وتخدم مصالحها وتعمم أفكارها وتصوراتها وقيمها، ومن ثم فإن الحكومة ذات طابع مزدوج: طبقي خاص ووطني عام، ولذلك تظل الدولة السياسية تناقضاً في ذاتها بين الخاص والعام. هذا التناقض الجدلي هو ما يفتح إمكانية تحولها إلى دولة ديمقراطية أو انتكاسها إلى شكل من أشكال الدكتاتورية. والتداول السلمي للسلطة، بطريق الانتخاب الحر والمباشر، مرة تلو مرة، هو الحل العملي لمثل هذا التعارض ولغيره من التعارضات الملازمة للمجتمعات البشرية. فقد آن الأوان أن تكف التزاعات المسلحة والحروب عن تسوية التعارضات الاجتماعية، وآن الأوان أن يكف العنف عن كونه قاطرة التاريخ، وهو قاطرة عمياء في جميع الأحوال.
بيد أن الطبقة السائدة اجتماعياً، لا الطغمة الحاكمة سياسياً، لا تبني سيادتها على أساس ملكيتها لوسائل الإنتاج فحسب، بل على أساس تقديم نفسها على أنها تمثل المجتمع كله ومصلحتها هي المصلحة العامة وثقافتها وقيمها هي الثقافة الوطنية والقيم الوطنية، وتكون كذلك بالفعل، وتعترف لها سائر الفئات الأخرى بذلك، وهذا الاعتراف هو أساس سيادتها الاجتماعية. تلك كانت حال البورجوازية الأوربية التي قادت الثورة الديمقراطية والتي نوه ماركس بثوريتها. البورجوازية الأوربية هنا مجرد مثال، لكن المهم هو المبدأ الذي تقوم عليه سيادة طبقة اجتماعية ما، نعني اعتراف سائر الفئات الاجتماعية الأخرى بسيادتها وريادتها طوعاً لا كرهاً، من دون أن تختفي الفوارق الاجتماعية أو تزول التعارضات الطبقية. وهذا هو التعاقد الذي يحفظ حقوق الجميع ويحقق التوازن الاجتماعي والاستقرار السياسي. ولذلك ميزنا سيادة الطبقة من حكم الطغمة.
2 – سيادة القانون على الحاكم والمحكوم: الدولة بما هي تجريد العمومية، هي الإرادة العامة التي يُعبَّر عنها نظرياَ بالعقد الاجتماعي، فهي من ثم النظام العام الذي يتم التعاقد عليه، ولا يتجلى النظام العام واقعياً إلا في القانون الذي يضعه المجتمع لنفسه، عن طريق المؤسسة التشريعية المنتخبة انتخاباً حراً ومباشراً ونزيهاً بإشراف القضاء. وبهذه العملية المفتوحة على التحسن والتقدم، لأنها تتجدد كل بضع سنوات، يكون الشعب حاكماً، لأنه يضع القانون، ومحكوماً لأنه يطيعه. ووظيفة السلطة التنفيذية هي السهر على احترام القانون وحسن تطبيقه، والقضاء وحده معني بالحكم على من يخالفه حاكماً كان أم محكوماً. نتحدث هنا عن القانون بصفته العامة والمجردة الذي يتجلى واقعياً في الدستور وفي المدونة القانونية. الصفة العامة والمجردة للقانون هي ما يسمح بتعديل الدستور أو تغييره ومن ثم بتعديل القوانين الجزئية أو تغييرها، بحسب تطور الحياة الاجتماعية. لأن العمومية هنا هي بالضبط عمومية المجتمع الحي الذي ينمو ويتطور ويعدل شروط حياته أو يغيرها، وتجريد كليته التي تتجلى كل مرة في الدستور وفي المدونة القانونية. الدستور هو قانون عام للمجتمع المعني في لحظة تاريخية معطاة، ولكنه ليس القانون بأل التعريف، أي بصفته العامة المجردة. ولو كان الأمر كذلك لكانت قوانين المجتمع كقوانين الطبيعة لا تحول ولا تزول. ولعل أخطر ما كان في الستالينية، وفي النظم المشابهة، في هذا المجال، هو النظر إلى قوانين المجتمع على أنها ثابتة ودائمة كقوانين الطبيعة، كأن المجتمعات البشرية من إنتاج الطبيعة لا من إنتاج ذاتها. ولا يزال كثيرون يسمون ذلك “المادية التاريخية” وينسبونها إلى الماركسية.
القانون هو روح الشعب، فكما يكون الشعب تكون قوانينه. وهو ماهية الدولة، والتعبير الصريح عن الإرادة العامة والحرية الموضوعية، بصفته المحصلة النهائية لنسبة القوى الاجتماعية في مرحلة محددة من مراحل تطور المجتمع. وسيادته على الحاكم والمحكوم هي التعبير العملي عن عمومية الدولة وعن كونها تجسيداً للعقل والأخلاق، وضمانة واقعية لتطور القوانين بحسب تطور المجتمع ونمو قوى الإنتاج، اتساقاً مع مبدأ الدولة ذاته. ومبدأ الدولة السياسية (الجمهورية) والدولة الديمقراطية على السواء هو “الفضيلة السياسية” التي تتجلى في المواطنة؛ فإذا ما فسد مبدأ الدولة تغدو أفضل القوانين سيئة.
لعل غياب مبدأ المواطنة في حياتنا السياسية يقبع في أساس فساد الدولة وتحولها إلى دولة شمولية استباحت المجتمع، وحلت فيها الامتيازات محل الحقوق، وعلاقات التبعية والولاء الشخصي محل القانون. وهو ما يفسر اليوم عطالة “ثورة المراسيم” التي تشهدها بعض البلدان العربية، في ظل استمرار العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية وهيمنة المؤسسة الأمنية على جميع مؤسسات الدولة.
الدولة التي ماهيتها القانون لا تنحل كلياً في الجهاز، فقد يكون الجهاز قوياً، والدولة ضعيفة، ويتجلى ذلك في قوة الجهاز إزاء الشعب وضعف الدولة إزاء الخارج، كما هي الحال عندنا. والتشديد الدائم على وجوب تقوية جهاز الدولة وتسخير جزء مهم من الموارد المتاحة في سبيل هذه الغاية دليل على أن الدولة ضعيفة باستمرار أي أن علاقتها بمجتمعها ضعيفة باستمرار، وأن سيادة القانون ضعيفة باستمرار. وما ذلك إلا لانفصال السياسة عن المجتمع وانفصال السلطة عن الشعب وانفصال المصالح الخاصة عن المصلحة العامة وغلبتها عليها؛ فقد انحلت الدولة عندنا كلياً في الجهاز الذي صار مجرد أداة في يد الطغمة الحاكمة تمكنها من اختراق المجتمع وتنسيق بناه على نحو يضمن “الاستمرار والاستقرار”. وانحلال الدولة في الجهاز يعني صيرورة السلطة التنفيذية سلطة تشريع وتنفيذ وقضاء، وفي هذه الحال تفقد الدولة عموميتها ويفقد القانون سيادته على الحاكم والمحكوم.
ولعل خصائص القانون ذاته، أي التفريد والتجريد والتعميم، وهي خصائص العقل كما تقدم، هي أهم ما يسوغ سيادته على الحاكم والمحكوم. الفرد الطبيعي، بجميع صفاته ومحمولاته وتحديداته هو موضوع القانون، ولكن القانون، بحكم ماهيته، لا يستطيع أن ينظر إلى هذا الفرد سوى بوصفه فرداً مجرداً، وقواعد القانون وأحكامه هي بالأحرى قواعد وأحكام عامة تنطبق على جميع الأفراد الذين يخالفون القانون في أي مجال من مجالات العمل الاجتماعي والنشاط الإنساني.
3 – سيادة الشعب: تطور مفهوم السيادة العلماني من سيادة العاهل إلى سيادة الأمة أو سيادة الشعب؛ ومنذ صار هذا المفهوم واقعاً محققاً في الدولة الحديثة صار ملازماً لعمومية الدولة وسيادة القانون ركناً ثالثاً من أركان الدولة الوطنية. وصارت السيادة الوطنية تعني سيادة الدولة على إقليمها حصراً، ونشأ القانون الدولي، ثم قامت منظمة الأمم المتحدة على هذا الأساس،. وسيادة الشعب، وفق هذا النسق، تعني انبثاق سلطة الدولة من الشعب بالانتخاب الحر المباشر الذي يتجدد كل بضع سنوات لتمكين القوى الاجتماعية من التداول السلمي للسلطة. والمعنى العميق لهذا التداول هو استثمار أفضل ما لدى كل منها في عملية تقدم المجتمع. لذلك ينتخب المرشحون للهيئة التشريعية ولرئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، بحسب كل بلد، على أساس برامجهم، لا على أساس شخصياتهم الفذة، ولا على أساس أصولهم الإثنية اللغوية وانتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو الطائفية أو الطبقية .. كما هي الحال عندنا. وغالباً ما تكون الانتخابات حزبية ونسبية، حيث تعبر الأحزاب السياسية عن قوى اجتماعية أو فئات اجتماعية بعينها، وعن مصالح ملموسة، لا عن عقائد دينية أو “قومية”، أو سياسية.
ومن الضروري هنا تمييز مفهوم السيادة، سيادة الدولة المطلقة التي لا تتجزاً ولا تنتقل ولا تفوَّض، والتي هي سيادة دائمة بدوام مصدرها، أي الشعب، من سلطة الدولة التي تباشرها مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية بتفويض من الدولة ذاتها، أي من الشعب الذي هو مصدر جميع السلطات، ولا سيما سلطة التشريع والرقابة والمساءلة والمحاسبة التي هي وظائف السلطة التشريعية. فثمة فارق جوهري بين السيادة والسلطة. سيادة الدولة هي سيادة الشعب التي لا تتجلى واقعياً إلا في العمليات الانتخابية التي يحدد الشعب بموجبها نظامه العام ويعبر بها عن حريته وسيادته على نفسه، وتتركز في المؤسسة التشريعية التي تعني المشاركة فيها مشاركة فعلية في الدولة. ولذلك ترتدي الانتخابات العامة، ولا سيما الانتخابات التشريعية، أهمية خاصة، إذ لكل مواطن مصلحة فعلية فيها.
ولما كانت الدولة لا توجد إلا بصفتها دولة سياسية فإن كليتها وعموميتها تتجليان في السلطة التشريعية، “ولهذا يعني الاشتراك في السلطة التشريعية الاشتراك في الدولة السياسية. أي إن المرء يبدي وجوده ويحققه بوصفه عضو الدولة السياسية، بوصفه عضو الدولة.”إن سعي المجتمع المدني إلى التحول إلى مجتمع سياسي، أو سعيه إلى جعل المجتمع السياسي مجتمعاً فعلياً، يتجلى بوصفه سعيه إلى الاشتراك بصورة أعم، بقدر الإمكان، في السلطة التشريعية. وذلك يتفق مع تجريد الدولة السياسية وواقع استقلالها عن المجتمع″. وهنا تكون الوظيفة التشريعية هي الإرادة، لا في طاقتها العملية بل في طاقتها النظرية. فلا ينبغي للإرادة أن تؤكد نفسها عوضاً عن القانون لأن دورها يتلخص على وجه الضبط في الكشف عن القانون الفعلي وصياغته (راجع كارل ماركس، نقد أصول فلسفة الحق عند هيغل).
سيادة الشعب، كما نعتقد، هي العامل الحاسم في سيرورة التحول الديمقراطي في نطاق الدولة الوطنية، والعامل الحاسم أيضاً في قابلية هذه الدولة للاندراج في مشروع وحدوي؛ ولكن سيادة الشعب لا تزال صورية إلى حد بعيد، بحكم التفاوت الاجتماعي الذي لا بد أن ينعكس سياسياً، ويلقي بظلاله على المؤسسة التشريعية بما هي مناط السيادة. ومن ثم فإن المساواة لا تعدو كونها مساواة في الحقوق، وهي مساواة صورية إلى حد بعيد، ولكنها في جميع الأحوال مساواة سياسية، أي مساواة في المواطنة أو مساواة أمام القانون في الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وفي الحريات الأساسية. ولما كانت المساواة هي الواقع الفعلي للعدالة فإن من الضروري توكيد حقيقة أن القانون والعدالة قضيتان مختلفتان. بيد أن هاتين: السيادة الصورية والمساواة الصورية مقدمتين ضروريتين للسيادة الفعلية والمساواة الفعلية اللتين ليس لهما من تعين واقعي إلا في صيغة تقليص عدم المساواة شيئاً فشيئاً ومرة تلو مرة. ولذلك كانت الديمقراطية نسقاً مفتوحاً على الصعيدين التاريخي والنظري ومحكوماً بالشروط الموضوعية والذاتية للمجتمع المعني. ففي عالم اليوم عدة نماذج ديمقراطية تختلف فيها نسبة عدم المساواة من نموذج إلى آخر، ولكنها جميعاً ديمقراطيات سياسية توفر قوانينها وآلياتها الداخلية إمكانية التحسن والتقدم. ولذلك كانت حجج اليساريين العرب على الديمقراطية السياسية ومعارضتها بالديمقراطية الاجتماعية تصب في تعزيز الاستبداد والتردي القائمين.
لقد دفع ماركس إمكانية تقليص عدم المساواة في الدولة السياسية إلى حدها الأقصى نظرياً؛ فرأى أن السلطة التشريعية في الدولة السياسية هي التعبير عن مشاركة المجتمع المدني في الدولة السياسية من جهة، وشكل مجرد لنظام الدولة من جهة أخرى. وهذه الخطوة تبدو لازمة وضرورية للانتقال من الدولة السياسية إلى الدولة المادية، من حالة انفصال الدولة السياسية عن المجتمع المدني إلى وحدتهما العضوية، إذ يغدو المجتمع المدني هو المجتمع السياسي الفعلي.
لكن السلطة التشريعية ليست بعد الدولة الديمقراطية، لأن لأعضائها (أعضاء البرلمان) طابعاً مزدوجاً، خاص وعام، في الوقت عينه؛ فكل منهم يمثل الخاص الاجتماعي (الطبقي) والعام السياسي (الوطني / القومي)، ولا يستطيع أن يكون غير ذلك، بحكم الواقع التراتبي للمجتمع المدني القائم على مبدأ الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الاجتماعي. هذا الازدواج التناقضي، هذا الانقسام في الوحدة يعكس التوتر والتنابذ بين ما هو اجتماعي وما هو سياسي، بين المضمون والشكل، بين الواقع الموضوعي، أي الكينونة الاجتماعية الموضوعية، وتحديدها الذاتي. التعارض بين الاجتماعي والسياسي هو الديالكتيك الذي يحرك التاريخ الداخلي للمجتمع أو للأمة. فبقدر ما يطمح كل فرد أن يكون عضواً في الدولة، بصفته الاجتماعية السياسية، لا بصفته الفردية، كما هي الحال في النظم الاستبدادية، يطمح في الوقت نفسه إلى أن يجعل الدولة ميدانا لتلبية مصالحه التي ليست سوى مصالح الفئة الاجتماعية أو الطبقة التي ينتمي إليها. وبالانتخابات التشريعية الحرة والنزيهة مرة تلو مرة يتقلص عدم المساواة الاجتماعية شيئاً فشيئاً. ويغدو الوضع كارثياً في الدولة الشمولية التوزيعية التي تلغي المجتمع المدني، وتلغي من ثم الطابع الاجتماعي أو الصفة الاجتماعية لعضو البرلمان أو الهيئة التشريعية أو القيادة الحزبية التي تتنطع للتشريع. وبإلغائها الصفة الاجتماعية لعضو البرلمان الذي لا يمثل في الواقع سوى مصلحته الشخصية، تلغي الدولة الشمولية صفته السياسية الوطنية ومن ثم الصفة السياسية الوطنية للهيئة التشريعية المعنية، فيغدو الحكم الشمولي أي شيء سوى الدولة السياسية الوطنية. ومن البديهي في مثل هذه الحال أن يعلق الدستور، في حال وجوده، ويغيّب القانون أو يفقد صفته الكلية والعمومية، وبفقد احترامه وسموه على الحاكم، وعلى “آلهة المدينة” وأشباحها وشبّيحتها، ولا يبقى هنالك من يتجرع السم ولا يخالف قوانين بلاده. بل لا يبقى هناك من يدافع عن البلاد.

50 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>