أوباما بحاجة لمراجعة استرتيجيته في سوريا
فريد زكريا
عن الواشنطن بوست ، 16 أكتوبر 2014.
منذ بدايتها، تعثرت سياسة اوباما في سوريا، و يعود ذلك لوجود فجوة بين الاقوال و الافعال. و قد فعلها أوباما ثانية! باعلانه ان هدف سياسة الولايات المتحدة هو ” اضعاف و تدمير ” الدولة الاسلامية بشكل تام ، فهو يجد نفسه اليوم مجبرا على التصعيد العسكري في سوريا. انـه مسار محكوم بالفشل. في الواقع، ينبغي على الادارة أن تتخلى عن خطابها النبيل ، و تكون واضحة في التركيز على استراتيجية ضد “الدولة الإسلامية” يمكن تحقيقها واقعيا، أي احتواءها.
انه لمن المؤكد تقريبا أن التصعيد في سوريا لا يتوافق مع الاهداف الامريكية، و انه قد يسبب الفوضى، و يؤدي الى نتائج غير مرغوبة. في الحقيقة لا يوجد حلفاء جديين لواشنطن في سوريا، و علينا ان نفهم ان لا وجود فعلي للجيش الحر. و يشير تقرير خدمة أبحاث الكونغرس الى ان اسم “الجيش الحر” لا يدل على هيكل تنظيمي ذي تحكم و سيطرة محدد على مستوى وطني. وقد شهد مدير الاستخبارات الوطنية أن المعارضة التي تجابه نظام بشار الأسد تتألف من 1500 ميليشيا مستقلة ، و نحن نسمي ،حفنة من تلك الميليشيات التي تعارض الاسد، و التي هي غير اسلامية، كما نأمل، بالجيش السوري الحر.
يقدّر الباحث جوشوا لاندس، و الذي تعتبر مدونته ، حول سوريا، مرجعا أساسيا، أن نظام الأسد يسيطر على حوالي نصف الأراضي السورية، و على عدد أكبر بكثير من السكان. الدولة الإسلامية تسيطر على حوالي ثلث البلاد، و تسيطر بقية الميليشيات على أقل من 20 بالمئة من الارض. لكن الفئة الاوسع و الاكبر تاثيرا ، من بين تلك التي تقف ضد الدولة الاسلامية، هم مؤيدو القاعدة و أعداء الولايات المتحدة القتلة. و يكتب لاندس، ان الولايات المتحدة ، طبقا لقادة المعارضة، تدعم 75 مجموعة من المعارضة السورية.
ان استراتيجية امريكية لتصعيد الغارات الجوية في سوريا، حتى لو اقترنت بها قوات أرضية، قد تأمل بأن تصبح القوى الاضعف ، و الاقل تنظيما في سوريا،
هي الأقوى، لكي تتمكن أولا من، التغلب على الدولة الاسلامية، ثم على نظام الأسد، كل ذلك أثناء محاربة جبهة النصرة، و خراسان. و ان فرصة حدوث كل ذلك هي بعيدة جدا. و على الأرجح ان القصف العنيف في سوريا سيؤدي الى فوضى و عدم استقرار، ناهيك عن تدمير سوريا و جعل الجهاد متاحا للجميع بما فيها المجموعات الجهادية.
النقاد على يقين بان تلك السياسة كانت أسهل لو طبقت منذ ثلاث سنوات، عندما كانت المعارضة السورية اكثر علمانية و ديموقراطية، و هذا خيال. صحيح ان
المظاهرات ضد نظام الأسد في الأشهر الأولى بدت و كان القائمين عليها هم أكثر علمانية وليبرالية. وهذا ينطبق أيضا في ليبيا ومصر. ولكن مع مرور الوقت، انتصرت قوى دينية ،هي أكثر تنظيما، و حماسا. هذا نمط مألوف في الثورات — بما في ذلك الفرنسية والروسية والإيرانية. بدأت بالليبراليين و انتهت بالاستيلاء عليها من قبل المتطرفين.
لأجل أية استراتيجية في سوريا، هناك حاجة إلى توفر مكون عسكري و آخر سياسي. فالعنصر العسكري ضعيف، والسياسي غير موجود.
السبب الحاسم، و الكامن ، وراء أعمال العنف في العراق وسوريا هي ثورة سنيّة ضد ضد الحكومات في بغداد ودمشق و التي يعتبرونها أنظمة معادية، ومرتدة. تم دعم هذه الثورات، بدورها، من قبل المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة ، و دولة قطر، حيث لكل من تلك الدول مجموعاتها السنية المفضلة الخاصة بها، مما زاد في تعقيد المشكلة. من ناحية أخرى، دعمت إيران نظم الشيعة والعلوية، مما يعني أن هذا الصراع الطائفي هو اقليمي أيضا.
الحل المفترض هو نوع من تنظيم تشارك السلطة في تلك العاصمتين. و هذا ليس بالامر الذي تستطيع امريكا لوحدها هندسته في سوريا. فقد حاولت في العراق، لكن رغم تواجد 170 الفا من الجنود ، و عشرات المليارات من الدولارات، و قيادة ديفيد بترايوس الحكيمة، بدأت الصفقات التي عقدها بترايوس ، تتلاشى بعد شهور من رحيل القوات الامريكية عن العراق. هذا ليس جزء من العالم حيث اعتادوا تقاسم السلطة والتعددية – باستثناء لبنان، والذي حدث بعد 15 عام من حرب أهلية دامية ذبح فيها كل واحد من بين 20 شخص في البلاد.
الاستراتيجية الوحيدة ضد الدولة الاسلامية، و التي لديها فرصة النجاح هي الاحتواء- أي دعم الجيران الذين يتعرضون لتهديد يفوق التهديد الذي تتعرض له امريكا، و يرغبون بمجابهة الدولة الاسلامية عسكريا و سياسيا. و تلك الدول تتضمن العراق، الاردن، لبنان، تركيا، و دول الخليج. التحدي الأكبر هو جعل الحكومة العراقية تقدم تنازلات خطيرة للمواطنين للسنّة لكي يتم دمجهم في المعركة، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن. وكل ذلك ينبغي أن يقترن بمكافحة الإرهاب، مما يعني توجيه ضربات على الأهداف الرئيسية لـ “الدولة الإسلامية” ، فضلا عن تدابير تعقب المقاتلين الأجانب، وقف تحركاتهم، واعتراض تمويلهم، وحماية الجيران والغرب من تسلل المجاهدين الى بلدانهم.
تتابع ادارة أوباما العديد من عناصر هذه الاستراتيجية. و ينبغي عليها أن تكون صريحة حول أهدافها، والتخلي عن خطابها المعظم، و المؤدي الى التصعيد والفشل.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...