ثامناً: رؤية للمرحلة الانتقالية

أولاً: مقدمة
لقد أدى التردد الدولي في إيجاد حل حقيقي للأزمة السورية إلى دخول سورية في نفق مظلم، وتحولها إلى ساحة صراع إقليمي ودولي. وأدى خيار السلطة الأمني واستخدامها المفرط للقوة إلى إطالة أمد الصراع واجتذاب الساحة السورية للتطرف والجهادية، وسيؤدي استمرار هذا الصراع بالضرورة إلى بروز سيناريوهات أشد ظلامية، وسيكون شعب سورية هو الخاسر.
بسبب طبيعة هذه الأزمة وتعقيداتها، فإننا نؤكد على حل الأزمة السورية حلاً سياسياً، بقصد توفير الدم السوري ووقف الهدم والتدمير المادي والاجتماعي، والوصول إلى وضع يتيح للشعب السوري أن يقرر حاضره ومستقبله.
إننا واثقون أن الشعب السوري في معظمه يؤيد حل الأزمة السورية حلاً سياسياً، وهذا يضع جميع أطراف الصراع على المحك، كما يضع على المحك أيضاً صدقية جميع الأطراف الدولية ذات التأثير على الأزمة السورية، فلنفسح الفرصة أمام هذا الحل كي يرى النور، وهذا يكون بشكل أساسي بإشراف الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى الدول الأخرى المؤثرة في الساحة السورية.

ثانياً: أساس الحل السياسي ومنطلقه
نرى أن جوهر الحل السياسي المنشود يقوم على رحيل الفئة الحاكمة (رئيس الجمهورية وعائلته وقادة الأجهزة الأمنية ووزير الدفاع ورئيس الأركان، وعدد من القيادات العليا في الجيش والأمن)، وتولية مناصبهم إلى من يليهم ممن لم يتورطوا في مجازر ضد الشعب السوري. ويمكن بعدها وضع تصور للمرحلة الانتقالية بالتشارك بين جسم معارض توافقي وقوي وحكومة النظام، إذ يتيح هذا الأمر حدوث تغير في تفكير وأهداف معظم السوريين، ولن يكون هناك عقبات أمام حدوث توافق سياسي عبر التفاوض، ومن دونه ستبقى آفاق الحل السياسي موصدة سواء من خلال مؤتمر جنيف أو غيره.

ثالثاً: محددات أولية لبدء الحل السياسي
أ- التفاوض المباشر بين الجسم المعارض المعني والحكومة السورية بحضور ممثلين عن مجموعة العمل الدولية حول سورية، ويكون الطرفان مفوضين بصلاحيات كاملة.

ب- المرجعية القانونية للاتفاق: اتفاق جنيف بتاريخ 30 حزيران 2012، والقراران 2042 و2043 الصادران عن مجلس الأمن بخصوص الأزمة السورية.

ج- الغاية هي وضع برنامج تنفيذي وجدول زمني وآليات واضحة لمرحلة انتقالية، ويكون الاتفاق الذي يبرمه الطرفان ملزماً للجميع من دون الحاجة لأي إجراءات مصادقة، وتكون الدول الخمس دائمة العضوية ضامنة للاتفاق.

رابعاً: توفير علامات الثقة بالحل السياسي
1- إعلان فوري لوقف إطلاق النار مع بقاء قوات الجيش النظامي والجيش الحر وأي مجموعات مسلحة أخرى، في أماكنها، وتشكيل فريق من المراقبين الدوليين بقوام لا يقل عن 3000 مراقب مجهزين بكل ما يحتاجونه للقيام بعملهم بشكل فعال لمراقبة التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.
2- العمل على دفع القوى والجماعات المسلحة غير السورية للخروج من سورية بمساعدة الدول الخمس الدائمة العضوية.
3- الإفراج عن كافة المعتقلين في سجون النظام السوري، وتحرير المختطفين من جانب أي مجموعات تابعة للنظام أو المعارضة.
4- إتاحة وصول الإغاثة إلى المحتاجين في كافة المناطق، والسماح للمنظمات الإغاثية الدولية بالعمل داخل سورية من أجل إيصال المساعدات الإغاثية للمحتاجين.

خامساً: المرحلة الانتقالية
أ- بالتوازي مع ما سبق يتم الإعلان عن بدء المرحلة الانتقالية بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات خلال ثلاثة أشهر من شخصيات مدنية وعسكرية ذات وزن من النظام والمعارضة، ويمكن أن يكون دستور عام 1950 ناظماً لعمل الهيئة، أو الدستور الحالي بعد تعطيل المواد الخاصة برئيس الجمهورية وعدد من المواد الأخرى ذات الصلة.

ب- تتولى هيئة الحكم الانتقالي إدارة البلاد، وتعلن حال تشكيلها أن هدفها هو إقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي تكون فيه الكلمة للشعب عبر صناديق الانتخاب ويتساوى فيه جميع المواطنين بالحقوق والواجبات بغض النظر عن الجنس والمذهب والقومية والمنطقة، كما تقوم تدريجياً بخلق مناخ مناسب في جميع المناطق، يتيح للسوريين العودة للحياة الطبيعية وعودة المهجرين.

ج- تقوم هيئة الحكم الانتقالي بتشكيل عدد من الهيئات والمجالس الضرورية لمساعدتها في عملها، وهي:

أ- مجلس عسكري أمني مؤقت:
يتألف هذا المجلس من ضباط من الجيشين النظامي والحر، إضافة إلى ضباط أمن من الطرفين، وتناط به عملية إعادة بناء الجيش وهيكلته على أسس وطنية، وتخضع له كافة القطعات العسكرية والمجموعات المسلحة، وتكون مهمته حفظ الأمن والاستقرار وعودة الأمن إلى البلاد، كما يقوم بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لتقوم بدورها على أساس وطني وتحت إشراف قضائي.

ب- هيئة قضائية دستورية عليا:
تقوم هيئة الحكم الانتقالي بتشكيل “هيئة قضائية عليا” من قضاة مستقلين معروفين بالكفاءة والنزاهة للرقابة على دستورية القوانين وفض المنازعات القانونية، وإصدار بعض التشريعات والقوانين التي يمكن أن تكون ضرورية خلال المرحلة الانتقالية، مثل قانون حديث وعادل للانتخابات البرلمانية.

ج- هيئة مصالحة وطنية:
تشكيل هيئة للمصالحة الوطنية تضم ممثلين عن المجتمعين المدني والأهلي مثل منظمات رجال أعمال، والمزارعين والمعلمين والأساتذة والمحامين والمهندسين والأطباء والاقتصاديين ورجال الدين والشخصيات الاجتماعية والسيدات. وتضع هذه الهيئة برنامجاً للمصالحة الوطنية وإعادة السلم الأهلي ورأب الصدع الذي أصاب لحمة المجتمع جراء الأحداث الماضية، وإطلاق نشاط واسع للمصالحة الوطنية على مستوى المحافظات والمناطق بكافة الطرق.

سادساً: نهاية المرحلة الانتقالية
تقوم هيئة الحكم الانتقالي بعد 9 أشهر على الأكثر من مباشرتها لمهامها بالتجهيز والإشراف على انتخابات لجمعية تأسيسية وفق قانون انتخابي عصري وعادل، وتجري الانتخابات تحت مراقبة دولية تضمن حريتها ونزاهتها في جميع المناطق، وتكون من مهمات هذه الجمعية إعداد دستور سوري عصري خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر من انتخابها.
تقوم هيئة الحكم الإنتقالي بالإعلان عن انتخابات برلمانية فور الانتهاء من الاستفتاء على الدستور المقدم من الجمعية التأسيسية خلال ثلاثة أشهر بحد أقصى، والإشراف على الانتخابات الرئاسية بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات البرلمانية، وهنا تنتهي المرحلة الانتقالية.
ملاحظات:
– لا يحق لهيئة الحكم الانتقالي عقد أي معاهدات أو اتفاقات سيادية.
– لا يحق لأعضاء هيئة الحكم الانتقالي الترشح لأي انتخابات لمدة دورة واحدة، سواء الانتخابات البلدية, أو البرلمانية, أو الرئاسية.
التحقيب الزمني للمرحلة الانتقالية:
المدة الكلية للمرحلة الانتقالية هي سنتان.
مرحلة تمهيدية: تبدأ من الشروع بالحل السياسي حتى تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، ومدتها 3 أشهر.
مرحلة تهيئة عوامل الاستقرار: تبدأ من تشكل هيئة الحكم الانتقالي حتى انتخابات الهيئة التأسيسية للدستور، ومدتها 9 أشهر.
مرحلة الجمعية التأسيسية للدستور: مدتها 3 أشهر، يقدم فيها دستور جديد، ويجري الاستفتاء عليه.
مرحلة البرلمان الجديد: تقوم هيئة الحكم الانتقالي بالإعلان عن انتخابات برلمانية فور الانتهاء من الاستفتاء على الدستور، ومدتها 3 أشهر.
مرحلة الانتخابات الرئاسية: تشرف هيئة الحكم الانتقالي على انتخابات رئاسية بعد 3 أشهر من الانتخابات البرلمانية.

14 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>