الاقتصاد السوري النامي أساسًا تراجع بشكل كبير نتيجة الأزمة السورية، منكمشًا بنسبة 20% خلال عام 2013، مع دمار واسع في البنية التحتية اللازمة له، وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 50% من السكان، وبلوغ البطالة نسبة 39%، مع أعداد كبيرة من العاطلين الشباب، والخريجين الجدد، والمشتغلين بمجالات أدنى من اختصاصات دراستهم؛ هذه النتائج تعتبر الأسوأ على صعيد العالم ملحوقة بجنوب السودان. يضاف إلى ذلك، انهيار العملة الوطنية وهي الليرة السورية، لتفقد بين عامي 2012 – 2013 حوالي 200% من قيمتها، مع النتائج التضخمية وانخفاض القوة الشرائية للمواطن. بعض التقاير المتفائلة، تحدثت عن إمكانية “تعافي متسارع” للاقتصاد، بعد توقف الحرب والبدء بالتركيز على الجانب الاقتصادي، ذلك يعود إلى تجارب اقتصادية سابقة، فعلى سبيل المثال عام 1970 كان الناتج المحلي الإجمالي لسوريا 136 مليون دولار، وارتفع إلى 1.024 مليار دولار عام 1980، أي تضاعف عشرة مرات خلال عشر أعوام.

اتجهت الدولة السورية منذ 1963 نحو سياسة الاقتصاد الاشتراكي، الموجه بالكامل، وبدأت بشكل فعلي بعد عام 2000 بإصلاح الاقتصاد والتوجه نحو اقتصاد السوق المفتوح، فحققت نسب نمو اقتصادية مرتفعة، وتحسن مستوى الدخل مع بقاءه أدنى من الدول المجاورة؛ على سبيل المثال فإن الناتج المحلي الإسمي للبلاد كان 46.5 مليار دولار، وهو رقم قريب من الناتج الإسمي الإجمالي للبنان عند 42.5 مليار دولار، رغم أن سوريا أكبر بثمانية عشر مرة لبنان من حيث المساحة، وخمسة مرات من حيث عدد السكان تقريبًا، وأغنى من حيث الموارد الطبيعية، وهذا الأمر ناجم أساسًا عن السياسات الاشتراكية في سوريا، واعتماد لبنان نظام السوق المفتوح. تعاني سوريا من معدلات عالية من الفساد، وتعتبر البلاد من الدول العشر الأكثر فسادًا في العالم، كما يعاني الاقتصاد من العجز عن خلق فرص عمل جديدة لتناسب حجم زيادة سوق العمل المقدرة بحوالي 200 ألف عامل جديد سنويًا، بمجموع حوالي 7.5 مليون عامل عام 2012، وهو ما أفضى لارتفاع معدلات الهجرة بين الشباب الجامعي نحو دول العالم لاسيّما دول الخليج العربي؛ هناك أيضًا تفاوت اقتصادي وخدمي كبير بين المدن الكبرى مثل دمشق، وحلب، وحمص، واللاذقية، وبين الريف مثل الأتارب أو تفتناز. في مسح أجري عام 2011، عبّر 4.7% فقط من السوريين عن “رضاهم” بالحياة.

تقليديًا، فإن سوريا بلد زراعي، تشكل الزراعة 26% من الدخل القومي، ويعمل بها حسب إحصاءات 2007 الرسمية مليون عامل دون الصناعات المعتمدة عليها؛ تعتبر سوريا السادسة عالميًا بإنتاج الزيتون، والعاشرة في إنتاج القطن، أما المحاصيل الأخرى تشمل القمح، والأشجار المثمرة، وهي محققة الأمن الغذائي في جميع أنواع الأغذية الأساسية وتصدر قسمًا منها. وتتزامن الزراعة مع تربية الحيوان، وأهم المواشي البقر بحوالي 1.2 مليون رأس، والأغنام بحوالي 2 مليون رأس، والدجاج بحوالي 120 مليون دجاجة، والأسماك بإنتاج 17 ألف طن سنويًا، وبشكل ثانوي المناحل، وتحقق منتجات الحيوان أيضًا الاكتفاء الذاتي وتصدر للخارج. الصناعة في سوريا لا تزال تعتبر نامية ومقتصرة على 12.5% من القوى العاملة، مع كون 85% من المنشآت الصناعية صغيرة وتوظف أقل من عشر عمال، وعام 2000 كان فقط 2.3% من المنشآت الصناعية المقدر عددها بنحو 90 ألفًا توظف أكثر من مئة عامل. يقتصر القطاع الصناعي على الصناعات المتوسطة، كالصناعات الغذائية، والمنسوجات، وبعض الصناعات الثقيلة، كالإسمنت، والأسمدة، وتكرير النفط، ومواد البناء، وإنتاج الكهرباء، مع معمل وحيد لصناعة السيارات؛ في حين تستورد البلاد معظم حاجاتها الصناعية والإلكترونية.

أما التجارة والخدمات، فيشكلان 42% من الناتج المحلي الإجمالي، و39% من القوى العاملة متركزين في المدن الكبرى، ومشتملين خدمات مصرفية، وترانزيت، وسوق دمشق للأوراق المالية، ومعرض دمشق الدولي، وخدمات السياحة التي توفر أيضًا 31% من احتياطي النقد الأجنبي. في عام 2010 بلغ عدد السياح في سوريا 6 مليون سائح دون السياحة الداخلية وزيارة السوريين في الخارج، مع متوسط استثمار سنوي بقيمة 6 مليار دولار، وصنفت سوريا كواحدة من أفضل المواقع السياحية في العالم، مع انخفاض كلفة السياحة مقارنة بالدول المجاورة، وغناها الطبيعي والأثري، غير أن الأزمة أفضت لاختفاء السياحة من البلاد.

على صعيد الثروات الطبيعية، فإن سوريا هي الدولة 27 عالميًا بإنتاج النفط بمعدل 400 ألف برميل يوميًا، يستهلك محليًا، ويصدر قسم منه إلى الخارج لإعادة استيراد مشتقاته؛ وإلى جانب الآبار الموجودة في الحسكة ودير الزور، اكتشفت كميات كبيرة من النفط والغاز في البحر قبالة الشواطئ السورية. ثاني الثروات، هو الغاز الطبيعي، ويستخدم للاستهلاك المحلي، ويبلغ الانتاج 28 مليار لتر مكعب سنويًا، وثالثها الفوسفات في حمص، بإنتاج 2.6 مليون طن يصدر معظمه، وتعتبر التاسعة عالميًا في إنتاجه. على صعيد إنتاج الطاقة، فقد حققت سوريا منذ 2002 الاكتفاء الذاتي من حاجاتها الكهربائية بمقدار 21.6 مليار كليوواط ساعي، إلا أن الأزمة أدت إلى تراجع القدرة على إنتاج الطاقة بكميات كبيرة، وبالمتوسط فإن المدن السورية تقطع عنها الكهرباء بين 6 – 9 ساعات يوميًا، حتى في المدن التي لا تشهد معارك كدمشق واللاذقية.

عام 2010 بلغت قيمة الصادرات السورية 10.5 مليار دولار، أكثر من 50% منها مع الدول العربية خصوصًا العراق والسعودية، وحوالي 30% مع دول الاتحاد الأوروبي، وبلغت قيمة الواردات السورية 15 مليار دولار، حوالي 25% من دول الاتحاد الأوروبي، و16% من الدول العربية خصوصًا مصر والسعودية، أما باقي النسب موزعة بين الصين، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، وتركيا. لسوريا اتفاقات تجارة حرة مع العراق، وتركيا، وإيران، ومفاوضات للشراكة الأوروبية أوقفت بنتيجة الأزمة، وعقوبات منذ 2001 من قبل الولايات المتحدة فضلاً عن العقوبات المفروضة على التجارة بنتيجة الأزمة؛ وتبلغ قيمة الدين الخارجي 7.7 مليار دولار تملكه روسيا، وقد شطبت معظمه في يناير 2005.