حكايات المعتقل – الحلقة 9

 

 

 

كانت الأم هي التي تصنع الأكل الطيب والخبز والفطائر. عادت العجوز مرة أخرى لتصنع خبز الصاج الرقيق الأشقر والفطائر المنوعة والحلوى، وترسلها إلينا. كانت تخاف من زيارتنا. لا تمتلك القدرة على رؤية ابنها خلف القضبان. زارته مرة واحدة ثم أحجمت..

كان ذلك في فصل الخريف وكانت الريح قاسية لدرجة أنها اقتلعت تلك الورقة من يدها.. أخرجتها من صدرها وأرادت أن تعطيها للحارس، لكن الريح خطفتها من يدها.. لم يكن لها أحد غيره، لا ابناً ولا ابنة ولا زوجاً.. يوم كامل وهي تركض من فرع إلى فرع حتى حصلت على تلك الورقة وخبأتها في صدرها. من دون هذه الورقة لا يسمحون لها بالزيارة. ولكنها ما إن وصلت إلى باب السجن وأخرجتها، حتى طارت من يدها.. تركت العجوز أكياس النايلون المليئة بالطيّبات، وركضت خلف الورقة كالمجنونة. لعبت بها الريح. تعثرت وسقطت ثم نهضت، وركضت من جديد، وسقطت.. ولولا ذلك الشرطيُّ الشاب الذي كان يقف أمامها ويبتسم لها والورقة بيده لما سمحوا لها بزيارة ابنها الوحيد.. أخرجت برتقالة وأعطتها للشرطي، فرفض أخذها.. أخرجت فطيرة فطيرتين ثلاثة، لكن الشرطي الشاب أعادها شاكراً لها، وحمل أكياس النايلون عوضاً عن العجوز، وسار أمامها إلى داخل السجن…