19- السياسة الخارجية

أ- مبادئ السياسة الخارجية
سورية جزء من هذا العالم تتفاعل مع متغيراته، الإقليمية والدولية، تؤثر فيها وتتأثر بها، لذلك عليها العمل على تنمية روابطها بمحيطها، العربي والإقليمي والإسلامي والدولي على المستويات كافة، مؤكدة للعالم أجمع بأنها دولة محبة للسلام ومؤمنة بحق شعوب العالم في التعايش السلمي ومد جسور التعاون والتواصل بينها لتحقيق المزيد من النمو والتطور وإعمار الأرض وخدمة الإنسان.

ومن هذا المنطلق يؤكد حزبنا على ضرورة أن تقوم سياسة سورية الخارجية وعلاقاتها الدولية وفقاً للمبادئ التالية:
– التكامل والتناسق في سياسة سورية الداخلية والخارجية، بحيث تلتزم السياسة الخارجية بمبادئ وأهداف الشعب السوري، وبالمصلحة الوطنية السورية قبل غيرها، وفي مقدَّمها الحفاظ على استقلال وسيادة سورية ووحدتها وحماية أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها، وخدمة المصالح الاقتصادية الوطنية ودعم وتعزيز استراتيجيات التنمية الشاملة.
– الالتزام بقضايا المنطقة العربية، ودعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.
– بناء علاقات وثيقة ومتطورة مع كافة دول العالم، ترتكز على مبدأ التعايش السلمي بين الشعوب ونبذ استخدام العنف في حل المنازعات الدولية والمعاملة بالمثل والاحترام المتبادل واحترام المصالح الوطنية وحرية اختيارات الشعوب.
– العمل على تفعيل دور المؤسسات الدولية ذات العائد الإيجابي على شعوب المعمورة، مثل هيئة الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة اليونسكو، والغذاء العالمي وغيرها، والمساهمة في المؤتمرات الدولية والإقليمية التي تتناول قضايا العالم والمنطقة بغية حلها.
– نبذ سياسة العنف في تقرير وتصميم العلاقات الخارجية، ونبذ مبدأ القوة في حل المشاكل العالقة أو المستحدثة بين دول العالم والمنطقة على وجه الخصوص، وإظهار الدولة السورية بأنها دولة مسالمة وتساهم في إشاعة السلام.
– تجنيب المنطقة العربية والعالم شرور الحروب الخارجية والأهلية على حد سواء، والعمل على تنظيف منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة المحرمة دولياً.
– انتهاج الواقعية المرنة في السياسة الخارجية.
– توسيع التمثيل الدبلوماسي لسورية في العالم بما يساهم في خدمة سورية بالدرجة الاولى.

ب- سورية والمنطقة العربية
سورية جزء من المنطقة العربية التي ما تزال دولها تعاني من التخلف والتفكك والتبعية، وترتبط مع دولها بصلات وعلاقات تاريخية واستراتيجية وسياسية، وبمصالح مستقبلية وآمال ومصائر مشتركة، لذلك من المهم أن تتوجه السياسة الخارجية نحو توثيق هذه العلاقات والروابط، والقيام بدور إيجابي وبناء في المحيط العربي، خاصة لجهة تعزيز العمل العربي المشترك بكافة أشكاله ومستوياته وتدعيم التوجهات الديمقراطية في المنطقة، وتصحيح علاقات سورية مع هذا المحيط على أسس الحرية والاستقلال والسيادة والمصالح المشتركة والمتبادلة. هذا الإقرار لا يتناقض البتة مع حقوق الإثنيات الأخرى في سورية، فهي بمجموعها جزء من النسيج الوطني السوري، خاصة في ظل فهمنا الإنساني والحضاري للعروبة باعتبارها حاضنة ثقافية وحضارية، وبالتالي لا يمكن أن تكون موقفاً انثنائياً أو تمايزياً أو عدوانياً تجاه الغير أو توجهاً منغلقاً على الذات، ونرى أن بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة في كل بلد عربي أساس أي مشروع اتحادي ممكن أو محتمل، فضلاً عن كونه المدخل الضروري لحل مشكلة الإثنيات في المنطقة من أوسع أبوابها.

– من الحكمة التوجه في عملية التعاون والتكامل في إطار الأقاليم الطبيعية العربية أولاً لسهولتها وواقعيتها ولتوفر أسباب نجاحها (بلاد الشام– الجزيرة العربية – وادي النيل – المغرب العربي) بمنظور ديمقراطي، يحترم إرادة الشعوب وسيادة الدول واستقلالها، ويقوم على التكافؤ والاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل، ويتأسس على حركة المجتمعات وفعالياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى جانب التوجهات الحكومية.
– إعادة تأسيس العلاقات السورية-اللبنانية بالاستناد إلى المصلحة المشتركة للبلدين، وبما يحفظ العلاقات التاريخية والأخوية بيبن الشعبين، ويعمل على تطويرها انطلاقاً من الاختيار الحر والاحترام المتبادل والتكافؤ في شتى المجالات.
– تنسيق المواقف العربية إزاء المتغيرات الدولية.
– تنشيط دور الجامعة العربية وفقاً للصلاحيات التي يحددها لها ميثاقها والسعي إلى إعادة النظر في بعض مواد ميثاقها التي تعيقها عن القيام بدورها المنشود.
– دعوة الدول العربية إلى حل خلافاتها بالطرق السلمية، والعمل على إنشاء محكمة عدل عربية دائمة لحل النزاعات التي تنشأ بينها.
– دعوة الدول العربية إلى تنسيق جهودها سعياً لإيجاد مقعد دائم العضوية لجامعة الدول العربية في مجلس الأمن الدولي.
– دعم الاتصالات الشعبية والرسمية وتطوير العلاقات الثقافية والاقتصادية بين دول المنطقة العربية.
– تشجيع الاستثمارات العربية وضمان حمايتها، وتسهيل تنقل الرأسمال العربي الخاص والعام بين دول المنطقة العربية.

ج- القضية الفلسطينية والجولان
إسرائيل عدو يحتل أرضاً سورية هي الجولان، وأقام دولة غير شرعية في فلسطين بعد أن شرّد شعبها في أصقاع الأرض.
لا يمكن حسم المعركة مع العدو الإسرائيلي بالجيوش وحدها بمعزل عن عمقها الاجتماعي ومستوى تقدم المجتمع، فالقوة العسكرية هي المحصلة النهائية لعناصر القوة المتوفرة كافة لدى هذا المجتمع، لذلك فإن تحرير الأرض وإنهاء الاحتلال يبدآن من توفير عناصر القوة الداخلية، وهي التي لا يمكن تحقيقها دون إقامة نظام وطني ديمقراطي.
هذا الصراع لا تنهيه تسويات ومعاهدات غير عادلة تبرمها أنظمة مستبدة وفاسدة لا تحظى بثقة شعوبها واحترامها. ومع ذلك فإن صراعاً كهذا يمكن أن تتخلله مفاوضات وتسويات ومعاهدات مرحلية تقررها الظروف التاريخية والعالمية ونسبة القوى ومجريات الصراع، كما تتخلله حروب ومهادنات.
ينظر حزبنا للبرنامج المرحلي الذي يتمثل باستعادة الجولان وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة في حزيران عام 1967 بوصفه مرحلة في الصراع الذي لا يمكن أن ينتهي إلا بإنهاء وظيفة وطبيعة ودور هذا الكيان المحتل بأركانه السياسية والاقتصادية.
كما ينظر الحزب لأي عملية تسوية سياسية خاصة بالجولان المحتل على أنها إحدى مسارات أو وسائل تحريره واستعادته إلى السيادة السورية، شريطة عدم التنازل عن أجزاء منه أو التفريط بالمياه أو وضع البلاد في التزامات تنقص من السيادة الوطنية فيما يتعلق بمسألة الأمن المتبادل، أو التأثير سلباً على حقوق الشعب الفلسطيني، وشريطة أن يكون للشعب السوري الكلمة الأخيرة من خلال استفتاء عام، أو لمجلس شعب منتخب انتخاباً ديمقراطياً حقيقياً وفق قانون عصري للانتخابات.
السلام خيار استراتيجي، لكن عندما يقف العدوان الإسرائيلي حائلاً ضده، تصبح خيارات استرجاعه بالوسائل كافة مشروعة، شريطة أن تكون منسجمة ومتوافقة مع أوضاع داخلية وعربية ودولية في صالحنا، وحتى هذه الخيارات الأخرى ننظر لها بوصفها وسائل أخرى لبناء السلام في المنطقة.
المقاومة المستندة إلى إجماع وطني لا يعطِّل الدولة والمجتمع والملتزمة بالقانون الدولي الإنساني هي حق مشروع، أما الحركات المتسترة بالمقاومة، وتمارس الإرهاب، وتنتهج العنف من أجل العنف وتستهدف المدنيين والأبرياء، فهي حركات مرفوضة نهجاً وممارسة.

د- العلاقات مع دول الجوار
– إرساء العلاقات مع دول الجوار على أسس حسن الجوار والتعاون المثمر في القضايا المشتركة، فقضايا الأمن الوطني والعربي مرهونة بنجاح مثل هذه العلاقات.
– إن ما يجمع شعوب هذه المنطقة من مصالح مشتركة أكثر مما يفرقها، لذلك فإن معالجة القضايا العالقة فيما بينها بمزيد من التفاهم والحوار يعود بالخير على المنطقة ويخفف من آثار تدخل القوى المهيمنة على المسرح الدولي.
– دعم منظمة المؤتمر الإسلامي وتطوير آلياتها لتكون قادرة على حل المشاكل والنزاعات التي تنشب بين الدول.

ه- سورية والعالم
من أجل عالم أفضل، نؤكد على ما يلي:
– تأييد الجهود الدولية لإنهاء نظام الأحادية القطبية وما يفرزه من علاقات قائمة على سطوة القوة، والعمل على إقامة نظام دولي أكثر توازناً وأكثر عقلانية.
– إصلاح منظمة الأمم المتّحدة وتطوير عملها كنظام رسمي للمجتمع السياسي الدولي، وتقويته وتشريعه ومنحه القوة الأخلاقية والسياسية الكافية لفرض احترامه على الجميع، وباتجاه دمقرطة العلاقات السياسية الدولية وتوسيع قاعدة القرار، والوقوف ضدّ ميول الانفراد والاستغلال والتحكّم النفعي القصير النظر في العالم ومقدّراته.
– العمل على بلورة أممية جديدة معاصرة متلائمة مع القرن الجديد ومهامه الكبرى، وتنغلق الطرق أمام التعصّب والكراهية والعنف، وتضيق تدريجيّاً أمام الاستغلال والاستبداد والجوع والاغتراب.
– اعتماد الحلول السياسية للمشاكل الدولية وإنهاء بؤر التوتر والنزاعات بالوسائل السلمية بعيداً عن المعايير المزدوجة. وتمكين المؤسسات الحقوقية الدولية من العمل بفعالية واحترام وتنفيذ قراراتها مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الخاصة التي تنشأ بإشراف الأمم المتحدة.
– الحد من سباق التسلح وبناء القواعد المنتشرة في بقاع شتى من العالم وتوجيه هذه الأموال الهائلة إلى إنقاذ الإنسان من المجاعة والموت في البلدان الفقيرة، والعمل للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في العالم، والتخلص من الموجود منها، والعمل لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع هذه الأسلحة.
– مواجهة كل أشكال العنصرية والإرهاب وجميع أعمال التطرف والتعصب والكراهية التي تشكّل الخطر الأكبر في وجه التقدم الأممي والإنساني، والنضال ضدّ جميع أشكال التمييز العرقي والقومي والديني وعلى أساس الجنس أو اللون أو الثروة.
– تطوير الحوار بين دول الشمال ودول الجنوب ليعكس حوار الحضارات لا صراع المصالح، وإعادة النظر في التقسيم الدولي للعمل بما يحقق المنفعة المشتركة لكل شعوب العالم.
– الدفاع عن حقوق الإنسان، ورفض كافة أشكال التمييز العنصري والعرقي والحضاري، واعتبار حقوق الإنسان كلاً لا يتجزأ، مما يستدعي الوقوف إلى جانب الشعوب والأقليات المضطهدة في أي مكان في العالم.
– دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في استخدام كافة الوسائل لمقاومة العدوان عليها ومن أجل تحرير أرضها المحتلة، والتفريق الواضح بين أعمال المقاومة والإرهاب.
– تكريس المنظمات الإقليمية والدولية ذات المنحى التضامني مثل منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التعاون الآفروآسيوي، وتعزيز دورها في حفظ مصالح الشعوب وصيانة السلام العالمي.
– مساندة الجهود العالمية في محاربة القرصنة والجريمة المنظمة ونشاطات المافيا الدولية وعمليات تبييض الأموال والفساد وأعمال التلاعب في البورصة.
– إقامة علاقات مع الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية والنقابية والثقافية، التي تشاركنا الرؤى والأهداف من أجل عالم يسوده الأمن والسلام والعدالة، ودعم جهود منظمات المجتمع المدني الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وجمعيات حماية البيئة والتعاون معها، وتطوير شبكة معقّدة من أطراف المجتمع المدني الدولي، والقوى الديمقراطية في العالم كلّه، للضغط المتواصل الهادف إلى كوكب أكثر إنسانية وعدالة وأماناً.
– التعامل الجدي والمسؤول مع المكتشفات العلمية الحديثة مثل الهندسة الوراثية وتأطيرها وقنونتها، بحيث تتمكن البشرية من الاستفادة القصوى من نتائجها وتتجنب في نفس الوقت آثارها السلبية على الصعد الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية.
– زيادة المساعدات التي تقدّمها الدول الغنية كجزء من واجبها والتزامها رداً للدين الذي استحقّ أداؤه للشعوب الفقيرة التي طالما نهبت خيراتها، وإلغاء الديون المترتبة على الدول النامية، وفي حال تعذر ذلك تخفيضها وجدولتها بحيث تكون محتملة وطويلة الأجل وهذا جزء من الاستراتيجية اللازمة لاستعادة العالم توازنه، وتناسق حركته، في الحدود الدنيا لمواجهة العقود المقبلة العصيبة، والتي ستلقي بآثارها السلبية على الشعوب الفقيرة.
– مواجهة الوجه السلبي للعولمة، الذي يعمل على استغلال الحداثة وانفجار التقدم التقني، وتسخيرها لتكون أداة جديدة ومتطورة لتعظيم الاستغلال، ودعم وجهها الجميل القائم على التواصل الإنساني، والتضامن، وتعميم المنجزات العلمية والمنتجات الحضارية، وتحوّل العدالة إلى مفهوم كوني، يحمل المضامين الإنسانية في الأممية القديمة، ويوسّعها إلى آفاق لم تكن البشرية لتحلم بها في السابق.
– التصدي للمهمات الإنسانية الكبرى، كاستئصال الفقر والجوع، والقضاء على الأمراض السارية والأوبئة، وضمان سلامة البيئة الدائمة، وتطوير شراكة عالمية متوازنة، والعمل على توقيع الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية كيوتو، التي تؤمن سلامة الكوكب، وتحفظ البيئة عليه وتوقف تدهورها.

12 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>