العسكر المنشقون لمنع إعادة تأهيل النظام السوري
صحيفة العرب – العرب 8 تشرين ثاني/نوفمبر 2014
تدفع الولايات المتحدة الأميركية، نحو إلغاء التشكيلات المسلحة للمعارضة السورية، وغض النظر عن تمدد القوى الإسلامية المتطرفة، وصولاً إلى وضع تلك التنظيمات المتطرفة في مواجهة النظام ليقوم بتدميرها وإشغالها قدر الإمكان من جهة، ولإرغامه على العودة إلى المفاوضات من جهة أخرى، بما تشكله من ضغط جدي على حاضنته الاجتماعية وقواه العسكرية، وتقديم تنازلات للمعارضة السياسية السورية، التي سيتم خفض سقفها السياسي بعد نزع أنيابها ومخالبها العسكرية، ووصولاً إلى تسوية “لا غالب ولا مغلوب” تتم بموجبها تلبية بعض المطالب السياسية للمعارضة، مع الإبقاء على نواة النظام الصلبة التي تتجسد في المؤسستين العسكرية والأمنية، وهو المطلب الإيراني وأحد شروطها التفاوضية حول ملفها النووي، والذي يعني بصيغة أخرى اختصاص الطائفة العلوية وهيمنتها على مجال القوة العسكرية في البلاد، لضمان استدامة النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، حتى في حال خروج بشار الأسد من السلطة.
وتتقدم هذه الخطة، من خلال توجيه ضربات غير مؤثرة إلى “داعش”، وفسح المجال له ولجبهة النصرة للتقدم في المناطق المحررة والهيمنة عليها وطرد التشكيلات المعتدلة، التي تركت وحيدة في حرب غير متكافئة، وصولاً إلى القول بأن المجتمع الدولي يواجه قوى متطرفة عاتية، لا يقاتلها على الأرض سوى نظام الأسد، ولا وجود أو مساهمة فعلية للمعارضة السورية في هذه الحرب، وعليه فإن القضاء على التنظيمات الإرهابية كخطر دولي يستوجب دعمه، ومن ثم التحالف معه وأخيرا إعادة تعويمه على المسرح الدولي، مع بقاء احتمال تنحية رأس النظام قائما أو الوعد به في مراحل لاحقة.
قطع الطريق على هذا المخطط، وخطط إيرانية أخرى، يقتضي تحركا منسقا من القوى الإقليمية المناهضة لمشروع الهلال الشيعي، والمبادرة بإعادة بناء الجسد العسكري للمعارضة السورية، وطرحه كعنصر مركزي في التسويات المحتملة، وعدم ترك العمل العسكري على الساحة السورية للنظام وإيران وحزب الله.
إن تقاذف الفصائل المقاتلة بين الأطراف الداعمة، وعدم تبلور قيادة عسكرية مركزية لجموع المدنيين الذين تحولوا إلى مقاتلين، ولا يعترفون بالتراتبية أو قواعد الانضباط العسكري، وافتقادهم إلى أي عقيدة أو نظام تراتبي، أفسدا الكيانات العسكرية القائمة وفككاها بالتدريج، وإعادة بناء قوة المعارضة العسكرية تنطلق من هذه النقطة بالذات، أي اعتماد المنهجية العلمية في بناء الجيوش، وأدوات بناء جيش وطني سوري متوفرة، وتتمثل في كتلة الضباط المنشقين التي تزيد عن أربعة آلاف وخمسمئة ضابط وضابط صف، إضافة إلى عشرات الألوف من الجنود والمجندين، معظمهم ما يزال قابعا في مخيمات اللجوء ودول الجوار، في ظل تجاهل كامل لهم من كافة الفعاليات ذات الصلة.
إن من السهولة بمكان تجميع هؤلاء والتعاطي معهم ككيان منظم يعرف كل واحد منهم سلفا مهمته ومكانته فيها، حسب اختصاصه ورتبته العسكرية السابقة، وهم معتادون على الأنظمة والقوانين، ومعتدلون سياسا وأيديولوجيا، يمتلكون المعارف والخبرات العسكرية الأساسية، ومن الممكن تطويرهم خلال زمن قصير، وقدرتهم على القيادة جيدة، وينتمون إلى مناطق متعددة، بما فيها مناطق الأقليات، ويستطيعون استقطاب المزيد من المقاتلين المضمونين من حيث التوجهات السياسية والقدرة على العمل، وهم أدرى بمقاتلة النظام لأنهم يعرفونه جيدا، وأقدر على مواجهة التنظيمات المتطرفة لأنها تعاديهم وتسيطر على مناطقهم، كما توجد بينهم شخصيات ذات رتب عالية محترمة من الجميع، وتستطيع أن تقودهم مثل اللواء الطيار محمد فارس رائد الفضاء السوري، إضافة إلى أن المجتمع السوري أكثر تقبلا لهم ولسلطتهم، باعتبارهم عسكريين نظاميين، ويملكون الشرعية الثورية بسبب انشقاقهم وتضحيتهم بكافة ميزاتهم.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...