بعيداً عن ضجيج صوت السلاح… مركز «مزايا» يعزز دور المرأة السورية في المجتمع
القدس العربي – 21 نوفمبر 2014
لا زالت المرأة السورية تعمل بقوة بعيداً عن ضوضاء المعارك وضجيج الحروب وأصوات الأسلحة وهول الدمار الذي نتج عن استخدام السلاح بين الأطراف المتنازعة لكنها تعمل بصمت، ولعل مركز «مزايا» في مدينة «كفر نبل» في إدلب شاهد حقيقي على الدور المهم الذي لعبته المرأة ولا زالت في الثورة السورية.
ومركز «مزايا» عبارة عن تجمع نسائي تجتمع فيه نساء المدينة ونساء الأرياف المجاورة اللواتي أخذن على عاتقهن عبء القيام بدور أساسي في المجتمع الذي يعشن فيه، وقطعن عهدا على أنفسهن أن يتحولن من عبء على المجتمع إلى سند يعين في بنائه وتطويره بقدر المستطاع، أما شعارهن فهو «لم أعد عبئا- أصبحت سندا.
وقالت غالية رحال مديرة مركز «مزايا» في حديث خاص لـ «القدس العربي»، إن المركز عبارة عن فكرة فردية نشأت عندي بعدما تحررت مدينة «كفرنبل» من الجيش الأسدي، ووصل إليها عدد كبير من الأسر النازحة وبحكم عملي مزينة شعر في المدينة كنت على احتكاك دائم مع أغلب نساء المدينة والنساء اللواتي قدمن بعد النزوح إليها.
وأضافت «كنت دائما استمع إلى مآسيهن وإلى المشاكل التي تعترضهن بشكل يومي، فكان لا بد لنا من التكاتف والتعاون لنستطيع الوصول إلى صيغة جماعية نتمكن من خلالها من تقديم الحلول لكل المشاكل التي منها النزوح والتشرد والفقر وفقد الزوج وقلة مصادر الدخل، وغيرها من الأعباء التي حملتها المرأة السورية التي لم تجد لها معينا في ظل استمرار القتال والمعارك في سوريا.
وبينت أن الحاجة كانت ضرورية وماسة لتعليم قسم كبير من النساء والفتيات اللواتي لا يملكن الخبرة الكافية ولم تكن لهن تجربة سابقة في الحياة على كيفية التأقلم مع الظروف القائمة، وإمكانية التعايش مع الواقع المأساوي المرير الذي عصف بالبلد وكان للمرأة أن تتحمل النصيب الأكبر من تبعاته.
وحول المكان الذي أقيم فيه المركز، قالت رحال: “بدأنا بإيجاد مكان تجتمع فيه بعض النساء اللواتي أعجبن بالفكرة، ومن ثم تطور الأمر حتى بدأنا نقوم بحملات توعية ودروس ومحاضرات نشرح فيها المشاكل التي تعاني منها النساء وكيفية التعامل معها، وبعد أن وجدنا إقبال العديد من النساء والفتيات على الفكرة توجهنا إلى تطوير المشروع وبلورته بشكل جيد، فكان لدينا دورات في الإسعافات الأولية ودورات تمريض وتطريز وخياطة ومن ثم تطور الأمر أكثر حتى وصل إلى دورات تثقيفية وتعليمية على كافة الأصعدة”.
وتابعت “تم إنشاء مكتبـــة كبـــيرة أيضا في المركز ضمت العديد من الكتب في مختلف المـــجالات ومن ثم أطلقنا مسابقات في الشعر والأدب وكتابة القصـــة القصيرة، وبذلك استطاع المركز أن يشكل حضورا قويا في الوسط النسائي في مدينة «كفرنبل» وريفها، وكان له كبير الفائدة وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي التزمن بالمركز وتابعن الأنشطة والدورات والفعاليات التي قام بها بشكل دوري”.
وعن الصعوبات التي واجهت المركز منذ بدايته حتى الآن، تبين رحال: “صادفنا الكثير من الصعوبات فإضافة إلى ظروف الحرب التي تعيشها المنطقة وقلة الموارد وقلة الجهات التي تدعم المشروع، فالنظرة ما تزال في مجتمعنا تجاه المشاريع التنمــــوية والفكرية والتعليمة نظرة قاصرة، وخاصة التي تهتم بالمـــرأة، ولا زال الجميع يعتبر أن هذه المشاريع استثنائية لسنا بحاجة لها في هذه المرحلة”.
ومن أهم الصعوبات التي واجهت المركز بحسب رحال “إننا في مجتمع ذكوري بامتياز، ويعتبر أي مشروع يهم المرأة جرأة زائدة ليست في مكانها، لكن بعد أن استطعنا أن نثبت وجودنا في ظل هذا الظرف الاستثنائي العصيب الذي تمر به البلد وأن نعبر عن ما يدور في داخلنا وعن همومنا التي تقتصر على تأمين لقمة عيش أطفالنا وحياة هادئة لهم بعيداً عن القتل والضرب والموت والسياسة والصراع قبل بنا المجتمع وأدرك الكثير أن هذا الدور الذي نقوم به البلد بأمس الحاجة له، وبالتالي تم التعاون معنا بطريقة جيدة من قبل جميع اللجان والمنظمات والمكاتب الثورية الموجودة في مدينة كفرنبل”.
واختتمت رحال بقولها: “أتمنى على المجتمع بشكل عام أن يعطي للمرأة دورها الأساسي والفعال، وخاصة في ظل انشغال الرجال في أمور السياسة والحروب فكان وجوباً على المرأة أن تتعلم، وأن تدرك جيداً أهمية الدور الذي تضطلع به في قابل الأيام، وإلا فإن المجتمع يتجه بأكمله نحو الهاوية والجيل القادم سيتربى على القتل والحرب ولن يجد من يوجهه إلى جادة الصواب فنكون بعد كل التضحيات التي قدمناها كشعب سوري مضطهد فقدنا أبناءنا الذين هم كل ما بقي لنا في ظلمة هذا الواقع المرير، كما أرجو أن يكون للجانب التعليمي والتثقيفي كبير الاهتمام من قبل المجتمع بكل أشكاله وأطيافه لأنه بالعلم تبنى المجتمعات”.
يشار إلى أن مركز «مزايا» من أول المشاريع التي انطلقت بعد الثورة السورية بجهود ذاتية والتي تعتني وتهتم بقضايا المرأة، وقد تعرض للاقتحام قبل فترة سابقة من قبل عناصر مجهولة قاموا بسرقة بعض المعدات الموجودة في المركز وأضرموا النار فيه ولا يزال المركز يلعب دورا مهما في موضوع تأهيل المرأة وتدريبها على كافة الأصعدة.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...