

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
تبقى الثورة السورية كظاهرة فريدة في حركتها وتحولات مواقف الأطراف فيها عصيّة على أي تحليل أحادي الجانب ، فاي تحليل يمكن أن يجد له تبريراته ومستنده في الوقائع التي ينظر إليها ومن خلالها للحدث السوري العاصف الذي قلما شهد التاريخ مثيلا له ، ليس لفرادة السوريين وتميزهم بل لجملة ظروف جعلت الحدث السوري أشبه ما يكون بنقطة التفاصل والتواصل بين كل القوى الإقليمية والدولية المتنازعة والمتصارعة على مجالات النفوذ .
إن التطورات الأخيرة تثبت أن ذروة الصراع في سورية وعلى سورية باتت أكثر عيانية مما كان سابقا ، فالغزو الروسي والإعلان الإيراني عن الاستعداد للدخول في الحرب بشكل رسمي والذي يقابله من ناحية أخرى الحديث التركي عن المرحلة الجديدة التي سماها الرئيس التركي مرحلة حرب الاستقلال وكذلك التصريحات السعودية التي تؤكد على ضرورة إنجاز حل يفضي لرحيل بشار الأسد سواء بعملية سياسية أو بعمل عسكري لم تفصح الديبلوماسية السعودية عن شكله ومداه وإن كانت التحليلات تقود إلى زيادة الدعم للفصائل المعارضة .
في خضم هذا المشهد المعقد والمتشابك يحضر فيه الجميع ويغيب السوريون بشكل شبه كامل عن أي فاعلية سياسية ويحضرون فقط بصفتهم مجرد ضحايا وشهداء ومهجرين .
ويمكن لنا أن نتحدث لساعات طويلة عن عمالة الطغمة المجرمة وعن استجلابها لكل أنواع المجرمين من كل أصقاع الأرض ، وعن تفريطها الكامل بالسيادة السورية بحيث أصبحت سورية مجرد فضاء جغرافي مفتوح لكل أنواع القوى التي تريد تجريب حظها وقياس مستوى قوتها ونفوذها في الإقليم ، يمكن أن يكون هذا الكلام مريحا لنا ، لأنه يرفع عنا عبء المسؤولية والتقصير الذي ارتكبناه بحق وطننا وثورتنا وابناء شعبنا .
من السهل جدا أن نثبت أن الطغمة المجرمة في سورية لم تكن يوما تحفل بأي شيء يتعلق بالوطن وسيادته واستقلاله فمنذ حوادث أيلول عام 1970 في الأردن وضع حافظ اسد نفسه ليلعب الدور الوظيفي المطلوب منه اسرائيليا وامريكيا مقابل ضمان القوى الدولية لاستقرار حكمه لسورية ، ومجرد دراسة التاريخ السياسي لسلوك هذه الطغمة في لبنان وقيامها بطرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان سيوصلنا لنتيجة أساسية أن ما يهم هذه الطغمة هو بقاؤها في الحكم وليس الكرامة الوطنية والاستقلال والسيادة وبالتالي فتح سورية لكل أنواع التدخل هو السلوك المتوقع لهذه الطغمة لأنها تستمد عناصر وجودها من جملة التوازنات الدولية والإقليمية .
ما يهمنا في هذا السياق هو سلوك المعارضة السياسية إن جازت صحة هذه التسمية ، لأن الواقع يقول أننا أمام معارضات سياسية وليس معارضة تمتلك الحد الأدنى من التوافق على برنامج أو رؤية مشتركة لسورية المستقبل ، مع التأكيد أن هناك تضادا وتناقضا صارخا بين الثورة وحالة المعارضة ، فالمرحلة الثورية لا يمكن أن تقودها معارضة سياسية لأن هذه المعارضة لا تنمو ولا تعمل إلا ضمن وسط سياسي مستقر يكون فيه نظام حكم ناجز وفق قوانين أساسية وضمن نظام سياسي واحد يضم المعارضة والسلطة معا ، الحالة الثورية يقودها قيادة ثورية تعمل وفق قوانين تختلف بالكلية عن تلك التي تعمل من خلالها المعارضة ، وللاسف الحالة الشاذة في سورية تتمثل في وجود ثورة شعبية امتدت بشكل أفقي كبير لم يشهد التاريخ القريب مثيلا لها في امتدادها وحجم المشاركين بها بالنسبة لعدد السكان ، لكن هذه الثورة لم تفرز قيادتها الثورية التي تولد من رحم الحراك المجتمعي الكبير وتنسج سياساتها بالاستناد إليه ، لقد بقيت الثورة دون قيادة جامعة تستطيع صياغة خطاب وطني يمثل أهدافها وسبل الوصول لهذه الأهداف ، وقد يكون من الصحيح الحديث عن حالة التصحر السياسي والاستبداد المستمر منذ خمسة عقود باعتباره ظرفا موضوعيا يؤدي بالضرورة إلى غياب الإمكانية الواقعية في ولادة القيادة الثورية المنشودة .
في ظل هذا الغياب للقيادة الثورية المنشودة برزت قوى سياسية قديمة أو جديدة طارئة على المشهد وتصدرت قيادة الفعل السياسي أو الإدعاء بأنها تمثل هذه القيادة السياسية السورية الجامعة للمفهوم الوطني والثوري معا .
وبغض النظر عن كل الأخطاء والخطايا التي وقعت بها هذه القيادات السياسية والتي يجب أن تتحمل قسطها من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في سورية ، لكن الظاهرة الأبرز التي يمكن أن تسم أغلب القيادات السياسية هو ظاهرة نقص المناعة الوطنية ، وهذه حقيقة ظاهرة تستحق الكثير من التأمل والكثير من الدراسة والتحليل ، ربما يرجع البعض هذا الأمر لقلة الخبرة وعدم الممارسة السياسية السابقة على الصعيد الدولي ، لكن الأمر تجاوز مسألة الخبرة وسواها إلى ما هو أخطر من ذلك بكثير .
فأي حديث ولو كان عابرا مع هذه القيادات ستسمع على الدوام جملا مثل الأتراك يريدون منا كذا ، أو القطريون قالوا لنا كذا ، أو الأمريكيون سيزعجهم ذلك ، أو السعوديون لا يحبون هذا التصرف …… الخ هذه الجمل ، طبعا كل واحد منهم سيتحدث عن الدولة التي يعتبر نفسه الأقرب لها ، ولن تسمع من أحدهم يوما أن السوريون يريدون كذا ، وهذا الأمر لن يرضي السوريين …. هذه العبارات تغيب بشكل شبه كامل عن أي حديث تسمعه من هؤلاء ، وإن كانوا جميعا يشتركون على الإعلام وفي البيانات الرسمية بالحديث باسم السوريين ، لكن المجالس المغلقة لها سياق آخر وأحاديث أخرى .
إن أي سياسي يتنطع لقيادة مرحلة حرجة ودقيقة كالتي تمر فيها سورية اليوم ، ملزم بالعمل مع الجهات الدولية والإقليمية ، لكن هذا العمل يجب أن يستند إلى قراءة دقيقة للتوازنات والمصالح المتشابكة أولا وثانيا لخطة عمل تستثمر هذه التوازنات والمصالح في تحصين الوضع الوطني وتحقيق أهداف الثورة وليس تكييف الثورة مع هذه المصالح الدولية ، عملية التكييف القسري للفعاليات الثورية السياسية والعسكرية والتي تنبع من مصالح إقليمية ودولية متعارضة هي التي تؤدي لهذا الكم من الفوضى والتشتت والشرذمة التي تعيشها الحالة السورية .
إن الفرق بين العمل مع الجهات الدولية والإقليمية على قاعدة التقاطع بين المصلحة والوطنية ومصالح الدول وبين العمل عند هذه الدول لتنفيذ رؤيتها وأجندتها وحفظ مصالحها ، هو الفارق الواضح بين العمل والعمالة ، فأن تكون مؤيدا للثورة ومعارضا لبشار الأسد لا يعني أن كل ما تقوم به أصبح فعلا إيجابيا وخاليا من أي شائبة ، فكما أن بشار أصبح مجرد عميل للإيراني والروسي كذلك كثيرون من المعارضة أصبحوا مجرد عملاء لتلك الدولة أو لسواها ، والقاسم المشترك بينهم وبين بشار أن كلاهما يسعى لحفظ مكانه وموقعه عبر تسليمه لكل الأوراق للخارج .
لقد بات من الضروري اليوم أن يقول السوريون كلمتهم الواحدة ، لا للعمالة للخارج تحت اسم النظام أو المعارضة ، وإعادة إنتاج قيادات ثورية تقود هذه المرحلة بقوانينها الدافعة باتت مسألة أكثر من ضرورية إذا أردنا أن نحمي ما تبقى من وطن اسمه سورية.
المصدر: أورينت نت
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...