

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
يكاد هذا السؤال يطغى على أي سؤال آخر في المسألة السورية التي لم تعد سورية بالكامل، ولا يكاد يخلو يوم واحد من تصريح لأحد وزراء الخارجية يتحدث فيه عن ضرورة الرحيل أو عدمه وذلك بحسب موقف دولته من الصراع في سورية وعليها، لقد كانت مواقف الدول المختلفة على جوانب هذا الصراع تتمثل بمقولتين، الأولى أن على الأسد أن يرحل والثانية أن على الأسد عدم الرحيل، المقولة الأولى كانت تتبناها الولايات المتحدة وتركيا وقطر والسعودية والاتحاد الأوروبي بشكل أساسي، أما المقولة لثانية فكانت تتبناها إيران وروسيا وبعض دول أمريكا اللاتينية.
منذ منتصف هذا العام وبعد الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني بدأت لهجة جميع الدول تتغير، لم يعد السؤال يرحل أم لا يرحل، بل بات السؤال متى يرحل، وعاد الاستقطاب حول هذا السؤال بين كتلتي الدول الداعمة لبشار الأسد أو المناهضة له، إن في هذا السؤال الأخير ما يشي أن الجميع قد اتفقوا على رحيله، وبات الخلاف اليوم على التوقيت، يرحل في بداية المرحلة الانتقالية، أم خلال المرحلة الانتقالية، أم في نهاية المرحلة الانتقالية؟
هذا النقاش الدائر عبر وسائل الإعلام وعبر الأروقة الديبلوماسية انخرط فيه السوريون أيضا وانقسمت مواقفهم بحسب الدول التي تدعمهم، والجميع يدعي أنه يأخذ هذا الموقف من أجل سورية وحمايتها وحماية وحدتها.
لقد شكل العدوان الروسي فرصة للدول الفاعلة لإثارة هذا النقاش بشكل علني انخرطت فيه أغلب الدول، وكان لقاء فيينا لتحديد مقاربة مشتركة حول آليات الرحيل وتوقيته، لكن المواقف ما زالت متباعدة حتى اللحظة وإن كانت تتفق على المبدأ وهو ضرورة الرحيل كأحد مخارج الحل السياسي في سورية.
بغض النظر عن كل هذا النقاش الدائر وعن مبررات كل طرف في طرح موضوع رحيل بشار الأسد إلا أن مجرد الحديث عن توقيت ما للرحيل هو بحد ذاته فضيحة أخلاقية لعالم يدعي أنه متحضر.
بشار الأسد وطغمته المجرمة ارتكبوا كل أنواع الجرائم التي نصّ عليها “ميثاق روما” المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية، جرائم حرب بشكل ممنهج وكثيف ومستمر، جرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع، وصلت هذه الجرائم إلى حدود الإبادة الجماعية، التهجير القسري، التعذيب الممنهج كسياسة وكعقاب على المواقف السياسية، الاغتصاب، الاعتداء على المنشآت الطبية ودور العبادة، استجلاب المرتزقة من كل بقاع الأرض، استخدام السلاح الكيماوي لأكثر من مرة.
إن استعراض عناوين هذه الجرائم يبين بشكل أساسي أن بشار وطغمته لم يتركوا جريمة نصّ عليها ميثاق روما إلا وارتكبوها بعناد وإصرار منقطع النظير ودون الالتفات لأي ردة فعل من المجتمع الدولي، وكأن بشار وطغمته كانوا مطمئنين إلى أن يد العدالة لن تطالهم أبداً، وعلى الرغم من صدور قرار من مجلس الأمن في أعقاب جريمة الكيماوي في آب من عام 2013 وهو القرار رقم 2118 والذي نصّ على ضرورة محاسبة ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة، إلا أن بشار وطغمته استمروا باستخدام السلاح الكيماوي ولا سيما غاز الكلور في أكثر من مناسبة.
رغم كل هذه الوقائع الثابتة والتي شهد العالم أجمع على مدى فظاعتها، يتم تحويل المسألة في سورية إلى مجرد توقيت لرحيل هذا المجرم وليس إلى محاكمته، إن طرح توقيت الرحيل والخلاف عليه يعني ضمناً أنه لن يحاكم، رغم كل هذه الجرائم التي أعادت البشرية إلى عصور البربرية المتوحشة، هذا هو لب المسألة، لقد كان الحديث عن توقيت الرحيل بمثابة قنبلة دخانية كبيرة شكلت ساتراً يحجب جرائم بشار وطغمته بحيث لم يعد هناك أي نقاش حقيقي أو مطلب جاد بضرورة أن لا يفلت هذا المجرم من يد العدالة، اليوم لا أحد يتحدث إطلاقا على موضوع الجرائم التي ارتكبها وعلى ضرورة محاكمته، حتى الفصائل المعارضة سواء السياسية أو العسكرية والسوريون عموما، انشغلوا بالحديث عن توقيت الرحيل وتم تجاوز موضوع المحاكمة التي لا يمكن بناء سورية الجديدة دون تحقيق العدالة للضحايا.
إن الحديث عن توقيت الرحيل وإسقاط مبدأ العدالة يلغي أي إمكانية لقيام دولة سورية واحدة تقوم على أساس السلم الأهلي ومبدأ المواطنة المتساوية للجميع، فكيف يمكن القبول بعشرات الآلاف الذين ارتكبوا جرائم القتل والسلب والتعذيب والاغتصاب وسرقوا ممتلكات السوريين ونهبوا بيوتهم، كيف يمكن أن يتحولوا لمواطنين عاديين يعيشون حياتهم برغد من الأموال التي سرقوها من بيوت الآخرين.
ماذا يمكن أن نقول للشهداء الذين سقطوا تحت التعذيب بعظام مكسرة وبجماجم مهشمة وبأضلاع خرجت من جوفهم من شدة الجوع، هل سنقول لهم انتصرنا، لقد أخذ المجرم أمواله وعائلته وحاشيته ورحل ليسكن قصرا فاخرا في عاصمة ما …. !!
ماذا يمكن أن نقول للأمهات الثكلى وللنساء الأرامل وللمغتصبات ..؟ لقد رحل المجرم بحراسة مشددة وبالأرز والزهور التي كان أنصاره يرمونها على موكبه المهيب وهو يخرج من دمشق إلى المطار ليغادر إلى منفاه السعيد.
إن تركيز الحديث على توقيت الرحيل هو ترويض للسوريين ليقبلوا لاحقاً بإعفاء المجرمين من العقاب الذي يستحقونه، هو مجرد تغييب كامل لجوهر القضية السورية وتحويلها من ثورة شعبية كانت تنشد العدل والحرية والكرامة إلى صراع سياسي على الحكم كان نتيجته أن تنحى حاكم وغادر البلاد، هذه ستكون الجريمة الكبرى بحق السوريين الشهداء والجرحى والمعتقلين والمشردين في بقاع الأرض، إن تُرك بشار الأسد يرحل ببساطة هو جريمة بحق مستقبل سورية نفسها، فلا يمكن بناء وطن خال من الضغائن والأحقاد من دون تحقيق العدالة.
لقد سقط الجميع دولاً وشعوباً ومنظمات دولية في هذا الاختبار الأخلاقي والإنساني، حتى بات الانتصار يختزل بمجرد أن يتوقف المجرم عن ارتكاب جرائمه وأن يرحل عن ساحة الجريمة.
كسوريين يجب أن لا نترك العالم هو الذي يتحدث بالنيابة عنا، يجب أن نصرخ في كل وقت وفي كل مكان، لا بديل عن محاكمة هذا المجرم وطغمته عن كل الجرائم، يجب أن نفرض صوتنا على المشهد الإعلامي والسياسي بدلاً من اكتفائنا بسماع تصريحات وزراء خارجية الدول المختلفة والانخراط في نقاش معهم حول توقيت الرحيل.
المصدر: أورينت نت
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...