

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني cfb@rp-syria.com
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان pec@rp-syria.com
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني cfb@rp-syria.com
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان pec@rp-syria.com
أطيب التحيات.
تحاول البشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تلمس طريقها نحو الخير والسلام بين الدول والجماعات، فقد كانت أهوال هذه الحرب البغيضة التي كلفت الإنسانية عشرات الملايين من الضحايا، جرحاً في الضمير الإنساني وضع الجميع أمام السؤال الأبرز في منتصف القرن العشرين، كيف نحوِّل عالمنا إلى عالم يسوده الخير والمحبة والسلام بعيداً من جنون بعض الحكام وهوسهم بأمجاد فارغة تبنى على جماجم الأبرياء من شعوبهم ومن الشعوب الأخرى.
لقد خاضت البشرية، وما تزال، حرباً ضد الأيديولوجيات الحصرية الاصطفائية التي تنبذ الآخر المختلف عرقيا أو دينيا أو فكرياً، وقد ظهر الإرهاب في عالمنا كأحد وسائل قتال المنظومة الفكرية المتوحشة من أجل فرض قيمها ورؤيتها إلى الحياة على الإنسانية أجمع. لذلك، فإن معركتنا ضد ثقافة الحرب والعنف والقوة هي معركة شاملة تأخذ أهميتها من ضرورة السير نحو تثبيت شرطنا الإنساني في الوجود المتمثل بوحدة البشر ووحدة مصيرهم،
إن مسيرة الإرهاب الأعمى الذي عصف بكثير من الدول منذ منتصف القرن الماضي، وكان مجرموه من جميع الثقافات والأديان، كما كان ضحاياه من الثقافات والأديان كافة، هي مسيرة واحدة لا يمكن لنا أن نجتزئ منها لوناً من ألوان الإرهاب ونغض الطرف عن باقي الألوان، فالإرهاب واحد أياً كان المجرم وأياً كانت الضحية، لأن جذر الإرهاب هو رفض الرأي الآخر أو المنظومة الحضارية والثقافية والدينية الأخرى.
لقد عانت منطقتنا من الإرهاب أكثر من غيرها عبر عقود طويلة من الاستبداد والظلم والقهر فضلاً عن إرهاب الطغم الحاكمة الذي وقع بحق بعض شعوب هذه المنطقة، وقد آن الآوان لشعوب هذه المنطقة أن تقول كلمتها الفاصلة ضد هذه الممارسات البغيضة التي تحاول إعادتنا إلى عصور البربرية والتوحش.
وقد تعرض السوريون خصوصاً، منذ زمن بعيد، لهذا الإرهاب المباشر من الطغمة المجرمة الحاكمة التي لم تكتف بإيذاء السوريين بل امتدت يدها الإرهابية لتطال دول الجوار في الأردن ولبنان والعراق، ومناطق أخرى من العالم. ونذكِّر هنا بالعمليات الإرهابية التي قام بها نظام البعث في مجازر حماة، ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق، وعمليات الاغتيال والتفجير التي طالت السياسيين اللبنانيين المعارضين لنهجه، ومحاولة تفجير الطائرة البريطانية في الثمانينيات. كذلك، قامت هذه الطغمة طوال السنوات الخمس الماضية بنشر ثقافة الإرهاب والعنف والقتل وتهيئة جميع الأحوال الملائمة لتحويل المجتمع السوري من مجتمع متحضر إلى مجتمع غارق في الدم والفوضى والوحشية، إذ أدركت في بداية عام 2012 أن الثورة السورية ماضية في تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، فقامت بفتح أبواب سورية وتسهيل مرور الإرهابيين إلى الداخل السوري من العراق بعد أن كانت قد سهلت في عام 2003 مرورهم من أنحاء العالم عبر سورية إلى العراق.
إن الفصل بين إرهاب “النظام السوري” ونمو تنظيمات إرهابية مثل “داعش” لا يستند إلى رؤية صحيحة إلى أسباب الإرهاب وجذوره، وللأسف فإن السياسة الدولية تنطلق دائماً من الاعتبارات العملية بصرف النظر عن القيم والمبادئ القانونية أو الأخلاقية.
لقد استطاعت الطغمة الحاكمة في سورية أن تثير القلق عند الجميع عبر الاستخدام المكثف للقوة وبشكل شامل ومثابر، وعبر تهيئة جميع الأوضاع الملائمة لولادة التنظيمات الإرهابية أو جلبها من الخارج، الأمر الذي وضع عدداً من الدول أمام سياسة احتواء هذا الإرهاب الذي يمكن أن ينتشر خارج سورية. لقد قال بعض السياسيين الأميركيين السابقين “إن بشار الأسد يؤذي شعبه بينما الإرهاب قد يؤذينا، ولذلك فإن الأولوية هي لدفع ما يؤذينا وليس ما يؤذي الشعب السوري”، مع العلم أن جميع دول العالم تعلم مدى المساهمة التي قام بها “النظام السوري” في بناء التنظيمات الإرهابية في العراق بعد عام 2003، وهناك تقارير صدرت عن الكونغرس الأمريكي في هذا الشأن، فضلاً عن ملف كامل أعدته الحكومة العراقية في عام 2009 يتضمن الأدلة على تورط بشار الأسد وطغمته بدفع آلاف الجهاديين من جميع بقاع الأرض إلى العراق عبر الأراضي السورية، بعد تلقي تدريبات أولية في بعض المعسكرات التابعة لأمن هذه الطغمة، وهو الأمر الذي ساهم في صنع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
لكن المقايضة التي قامت بها الطغمة المجرمة مع العالم هي التالية: دعوني أقتل شعبي حتى أساعدكم على منع الإرهابيين من قتل شعوبكم. إنها مقايضة بائسة تدل على أن المجتمع الدولي ما زال رهين نظرة فيها الكثير من الأنانية، وفي الوقت نفسه الكثير من النظرة الضيقة التي تقود إلى تقويض الأسس القانونية والأخلاقية التي تسمح بقيام مجتمع دولي إنساني يهيئ حياة أفضل للبشر على هذا الكوكب.
إن قبول المجتمع الدولي بهذه المقايضة اليوم يعيدنا عقوداً عديدة إلى الوراء حين كان مفهوم القوة وحده هو المفهوم الذي يحدِّد سلم القيم الإنساني، وهو ضرب للأساس الذي قام عليه المجتمع الدولي بعد صدمة الحرب العالمية الثانية وما شهده العالم من أهوال وفظائع. إن التعاطي مع جرائم “النظام السوري” بهذا اللين وهذا الخنوع هو تمجيد لجميع الطغاة والمجرمين في التاريخ، هو جائزة براءة لأدولف هتلر وجوزيف ستالين وبول بوت وأسامة بن لادن وغيرهم، الذين كلفوا البشرية ملايين الضحايا. لذلك، فالبحث عن طريقة فعالة وناجحة لمحاربة الإرهاب يقتضي أولاً إيجاد حل للمأساة السورية ينطلق من تحقيق العدالة، ومحاكمة بشار الأسد وحاشيته على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمته الأكبر في تحطيم بنية المجتمع السوري واستدعاء جميع أنواع الإرهابيين من لبنان وإيران والعراق وأفغانستان وسائر دول العالم.
إن تهجير السوريين وتدمير بنيتهم المدنية قد سمح لبعض الإرهابيين الذين جاؤوا من خارج الحدود بالاستيلاء على ثلث مساحة سورية، ما مكنهم من امتلاك القدرات المالية واللوجستية اللازمة للتخطيط وتنفيذ عمليات في الداخل السوري وخارجه، فقد ظهر تنظيم “داعش” في سورية، وهو تنظيم أجنبي جاء من العراق، بتسهيلات كبيرة من حكومة نوري المالكي ومن طغمة بشار الأسد الذي رأى فيه خشبة خلاص له عبر دفع الأمور في سورية إلى ما يشبه الجنون العاصف الذي بات يدمر كل شيء.
إن قتالنا ضد طغمة بشار الأسد هو قتال ضد أسس الإرهاب وجذوره، وكذلك نقول إن قتالنا ضد داعش هو قتال ضد طغمة بشار وجرائمها، فالتطابق في الأهداف والسياسات بينهما هو تطابق كامل. لقد هدّد بشار الأسد في بداية الثورة السورية من أن المساس بنظامه سيغرق المنطقة في الفوضى والدم والحرائق، وها هو ينفذ هذا التهديد والوعيد، إذ غدت المنطقة بكاملها على برميل من البارود، فتنظيم “داعش” الذي هيأ له بشار الأسد تربة النمو وتملك الأرض والإمكانيات يضرب في اليمن والمملكة العربية السعودية ومصر وليبيا وتركيا ولبنان وأخيراً في فرنسا. إنه التجسيد الحي لتهديد بشار بإحراق المنطقة وزعزعة استقرارها، لذا فإن التخلص من تنظيم “داعش” يأتي عبر إسقاط هذه الطغمة وسوقها إلى محكمة الجنايات الدولية لتحاكم على جرائمها ضد السوريين ودول الجوار والعالم أجمع.
إن تحقيق العدالة هو فقط ما سيمنحنا الثقة في المستقبل. هذا هو الحل الواقعي لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه، وهذا هو التجسيد الحي لاتحادنا جميعاً في مكافحة الإرهاب والعنف والكراهية والجريمة. فمن دون تحقيق العدالة وتقديم واجب الاحترام للضحايا الذين سقطوا في سورية وغيرها من دول العالم على يد بشار الأسد وتنظيم “داعش” الإرهابي لا يمكن أن يتحقق السلام، ولا يمكن أن تتحقق البيئة اللازمة الطاردة لأفكار الإرهابيين.
لقد عجز العالم عن حماية هؤلاء الرجال والنساء والأطفال الذين قتلوا بطريقة وحشية بالكيماوي والطائرات وتحت التعذيب، ويجب أن لا يكون عاجزاً اليوم عن تقديم لحظة احترام يستحقونها لتضحياتهم، وذلك باتحاد العالم الحر من أجل محاكمة بشار وسوقه إلى العدالة الدولية. إن ترك بشار الأسد وطغمته سيعطي مثالاً سيئا للإرهابيين يقول لهم بوضوح كلما توحشتم أكثر وارتكبتم جرائم أكثر فإننا سنفاوضكم ونقدم لكم بعض المكاسب. هذه التجربة السيئة ستشجع على استمرار ظهور إرهابيين جدد، وستسمح لهم بفرض منطق بشار الأسد وهو: المزيد من العنف والجريمة يساوي المزيد من الحماية.
إن الجريمة المروعة التي هزت باريس وسقط ضحيتها العشرات من الأبرياء، وكذلك الجريمة التي هزت الضاحية الجنوبية في بيروت، وجريمة تفجير الطائرة الروسية في سيناء، وجريمة التفجير الوحشية في أنقرة، وقبلها في المملكة السعودية، ما كان لها أن تقع لو أن العالم أدرك منذ البداية أن ترك بشار الأسد يقتل السوريين ويحطِّم دولتهم ومجتمعهم سيسمح لهؤلاء الإرهابيين الأجانب ببناء قواعد آمنة لهم في الأراضي السورية تحت مرأى ومسمع بشار وطغمته وبتسهيل منها.
الرحمة لشهداء الإنسانية الذين سقطوا على يد تنظيم “داعش” الإرهابي في باريس وبيروت وسيناء وأنقرة والسعودية. الرحمة لشهداء سورية الذين سقطوا على يد طغمة بشار الإرهابية، فالدم واحد والمجرم واحد وإن تبدلت أسماؤه وأساليبه.
عاشت سورية حرة أبية
المكتب السياسي لحزب الجمهورية 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...