في الذكرى السادسة للثورة السورية: ثورة حرية وكرامة وحقوق إنسان
أعوام ستة قد مرت، منذ أن أطلق السوريون صرختهم المزلزلة مطالبين بالحرية، والقطع مع عهد الاستبداد، وأعلنوها ثورة عارمة بأطيافهم كافة في مواجهة نظام قمعي أسس دولة أمنية بوليسية، كممت الأفواه واعتدت على حقوق المواطنين وحرياتهم، وامتهنت كرامتهم مستخدمة جميع الوسائل غير الشرعية، مثل الاعتقالات التعسفية، والقتل تحت التعذيب، والإعدام استناداً إلى محاكمات صورية، وغيرها.
لقد سعى النظام لتحطيم كبرياء الشعب السوري، الذي أبى، في شهر آذار/ مارس 2011، إلا أن يثبت لنفسه والعالم أجمع، أنه شعب أبيٌّ متحضرٌ، عصيٌ على الطغاة، ومستعدٌ لبذل الغالي والرخيص في سبيل استعادة دولته من مغتصبيها، فأطلق ثورته التي أراد لها أن تكون بداية لزمن جديد، واستمر فيها على الرغم مما عاناه من القمع والاعتقال والتعذيب والقتل والتنكيل على يد نظام الأسد، وقواته العسكرية والجيوش والميليشيات المتحالفة معها، التي استباحت مدنه قصفاً وتدميراً.
في هذه المناسبة، يجدِّد حزب الجمهورية التزامه ثورة شعبنا وأهدافها المتمثلة بإنهاء حكم الطغمة المستبدة الفاسدة، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة السياسية والأمنية والخدمية، على أساس يحدده ويضبطه دستور عصري وطني، يؤكد على فصل السلطات، التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويضمن للصحافة حريتها المطلقة. دستور، يصوغه ويتوافق عليه السوريون بأطيافهم وأعراقهم كافة من دون تدخلات أو إملاءات خارجية، ويحفظ كرامة المواطنين وحقوقهم بحسب المعايير الدولية، ويؤكد على حرياتهم في الرأي والتعبير والاعتقاد، سعياً لبناء الجمهورية السورية الثالثة، جمهورية ديمقراطية يحكمها نظام فاعل وشفاف ومستقر، على أسس تضمن التعددية السياسية والتناوب على السلطة، ومحاسبة من هم في موقع السلطة، ويستمد شرعيته من الشعب بعموم مواطنيه، ويعمل على خدمته وتحقيق مصالحه، ويضمن له عيشاً كريماً وتنمية مستدامة تؤسِّس لغدٍ أفضل لأطفالنا الذين قاسوا الويلات في حرب طاحنة.
إن استقلال سورية وسيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، وحقها المشروع في استعادة أراضيها المحتلة بجميع الوسائل الممكنة، هي من الثوابت التي يتمسك بها حزب الجمهورية، وهو في سبيل ذلك يطالب بخروج جميع الميليشيات والقوات العسكرية الأجنبية من سورية، ووضع حدٍ لجميع التدخلات الخارجية، ويدعو إلى بناء جيش سوري وطني يلتزم الدفاع عن الدولة والوطن السوريين، ويتولى مهمة مكافحة الإرهاب الذي يهدِّد أمنها واستقرارها الداخليين بجميع أشكاله الدولية والإقليمية والمحلية، وفي هذا السياق يعيد الحزب تأكيده على إدانة جرائم الحرب المرتكبة في سورية من أي جهة، خارجية كانت أم داخلية، ويطالب مجلس الأمن والمنظمات والهيئات الدولية بالتحقيق فيها ومحاسبة مرتكبيها، كخطوة أولى على طريق المصالحة الوطنية.
يحثّ حزب الجمهورية، جميع القوى السياسية الفاعلة على تنسيق العمل وبناء استراتيجية واضحة للتفاوض، وإعداد العدّة لمرحلة تفاوضية صعبة، لا بدّ أن تعني خروج رأس الطغمة الحاكمة وأعوانها الملوثة أيديهم بالدماء؛ فضلاً عن أهمية توافقها على النتائج المرجوة من الحل النهائي، وشكل الدولة السورية المرتقبة، ونظام الحكم فيها، ويدعو حزبنا جميع القوى والتيارات السياسية التي تتبنى نهجاً ديمقراطياً وقيماً مشتركة إلى بناء تحالفات راسخة ومبنية على أسس سليمة، بهدف إنهاء نظام الاستبداد والقمع.
يدرك حزب الجمهورية، أن المعركة في مواجهة نظام الاستبداد متعددة المستويات، سياسية وثقافية وإعلامية ومدنية، وفي هذا السياق يؤكد الحزب على أهمية وضرورة دفاع السوريين كافة عن القيم التي دعت إليها الثورة السورية، قيم الحرية والكرامة، ويحذِّر من الأيديولوجيات الإقصائية المتشدِّدة التي تنثر بذوراً مسمومة، وتؤسِّس لاستبداد جديد باسم قراءاتٍ خاصة وضيقة للدين، تلك التي تخفي مصالح ضيقة لجماعات بعينها أو تعبِّر عن جهلٍ واسعٍ بالمقاصد الإنسانية للأديان وبتاريخ السوريين وآمالهم وتطلعاتهم.
على الرغم من الإرهاق الذي لحق بالثورة السورية نتيجة عنف النظام ووحشيته والتدخلات الخارجية وتخلّي المجتمع الدولي عن مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاهها، إلا أن الثورة مستمرة ما دام واقع الظلم والتوحش قائماً، وقد آن لها أن تستعيد قرارها ودورها في التعبير عن إرادة الشعب السوري واستقلاليته وآماله وطموحاته، وأن تستثمر في تنوعه الفكري والعرقي والديني، لتنتصر في معركتها واضعة المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات أخرى.
نهنئ الشعب السوري في ذكرى ثورته، ونؤكد أننا ماضون في نضالنا، مع أغلبية السوريين، من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العصرية، التي تليق بتضحياته التي نجلها ونقدرها، لتكون بداية لزمن سوري جديد.
المكتب السياسي لحزب الجمهورية 15 آذار/ مارس 2017
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...