بيان مشترك صادر عن اجتماع ممثلين عن حزب الجمهورية واللقاء الوطني الديمقراطي

 

الدّولة الوطنيّة الديمقراطية الحديثة شرط لازم ومركزي

لحلّ جميع القضايا والمشكلات في سورية

 

عقد ممثلون عن حزب الجمهورية (تحت التأسيس) واللقاء الوطني الديمقراطي في سورية سلسلة من اللقاءات والحوارات، وتناول الطرفان القضية الوطنية السورية في مستوياتها وتجلياتها كافة، وأكدا حرصهما على تعميق العلاقات الثنائية بشكل مستمر لما فيه مصلحة الشعب السوري وتحقيق أهدافه في الحرية والكرامة والديمقراطية، وبما يسمح بتقديم أفضل الصيغ التي تلبي حاجة المجتمع السوري إلى حالات تنظيمية وسياسية تتجاوز العثرات التي اعترت التنظيمات السياسية ببرامجها وأنظمتها الداخلية في المرحلة السابقة، خصوصًا في ظل لحظة سياسية عصيبة تجمعت فيها جملة من العوامل السلبية: إمعان النظام السوري في قتل الشعب السوري وتدمير سورية، احتلالات متعددة لسورية، تدخلات خارجية عديدة ومتشابكة ومتناقضة، معارضة ممزقة على المستويين السياسي والعسكري، مجتمع دولي غير مكترث بسورية والسوريين، هيمنة قوى متطرفة في الساحة الميدانية، كارثة إنسانية لا مثيل لها بعد الحرب العالمية الثانية، تشتت السوريين في دول الجوار والعالم… إلخ.

وفي سياق الحوار ثبّت الطرفان عددًا من النقاط الرئيسة، خصوصًا ما يتعلق بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وبناء الدولة السورية الجديدة، ومن ضمنها القضية الكردية في سورية:

أولًا: أكد الطرفان على ضرورة إعادة تعريف وبناء هويتنا الوطنية السورية على أسس سليمة تأخذ في الحسبان طموحاتنا وآمالنا المستقبلية أكثر كثيرًا من الركون إلى تجارب الماضي وما أنتجته من تخريب على مستوى الفكر والسياسة، فضلًا عن إنتاج مظالم متنوعة طالت قطاعات واسعة من أبناء شعبنا. لذلك، رأى الطرفان أن مهمة إعادة بناء الهوية الوطنية السورية على أسس ديمقراطية وحديثة تقع بشكل أساسي على عاتق القوى السياسية الديمقراطية، فضلًا عن أهمية دور المثقفين في هذا الإطار؛ وأن هذه الهوية الوطنية السورية لن تتأسس واقعيًا إلا على الحقوق المدنية والحريات الأساسية ومبدأ المواطنة وسيادة القانون وعمومية الدولة، ما يعني أهمية بناء نسيج اجتماعي وطني متماسك محكوم بحقيقة التنوع والاختلاف وبمبدأ الحرية.

ثانيًا: إن ولاء المواطنين الكرد السوريين كان، ولا يزال، خالصًا لوطنهم السوري ومجتمعهم السوري ودولتهم السورية، وإن المطلوب من السوريين جميعهم اليوم النظر إلى القضية الكردية بوصفها إحدى القضايا الوطنية السورية الأساسية؛ على أنه -في المقابل- لا يمكن تحميل السوريين عبء ما فعله النظام السوري، أي تحميلهم مسؤولية ما لاقاه الكرد في سورية من عسف وظلم، فالنظام فرض على السوريين جميعاً، عرباً وكرداً، العزلة وعدم التواصل والتعرف إلى آلام وآمال بعضهم بعضاً، ولم يبدؤوا بكسر هذه القاعدة إلا مع بداية الثورة السورية.

ثالثًا: إن الكرد السوريين جزء من النسيج الوطني السوري، والقضية الكردية في سورية قضية وطنية سورية من الدرجة الأولى مبدأ ومآلًا، على قاعدة الحقوق المتساوية؛ ولا بدّ من العمل على إلغاء جميع السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبقة بحق جميع المواطنين ومعالجة آثارها وتداعياتها وتعويض المتضررين، وإعلان القطيعة مع الإجراءات العنصريّة والسياسات الإنكارية تجاه الكرد وقضيّتهم، واستعادة عمومية الدولة وإعادة بناء الثقافة والهوية الوطنيتين على أسس ديمقراطية، وإعادة إنتاج مبدأ المواطنة في العلاقات الاجتماعية والسياسية.

رابعًا: تستحق القوى السياسية في سورية، العربية والكردية على حد سواء، النقد فيما يتعلق بطرق وآليات التعاطي مع القضية الكردية، خاصة ما يتعلق بتغليب الأيديولوجية على السياسة. إذ لا يمكن الوصول إلى حل مشكلة بهذا المستوى من الأهمية والتعقيد حلاً أيديولوجياً أو بدلالة الأيديولوجية، ولا بدّ من تلمس حلول واقعية وممكنة. إن معظم الخيارات السياسية والأيديولوجية للقوى السياسية في سورية، بل ولجميع فئات الشعب السوري، قد نمت وتكونت في ظل بيئة استبدادية، ولم يتح لهذه الخيارات بعد التكون في بيئة صحية. فما يحتاجه السوريون جميعاً هو فسحة من الأمل والديمقراطية لإعادة تكوين قناعاتهم ورؤاهم، وإعادة النظر بهوياتهم الموروثة أو المشوهة، الأمر الذي يخفف من حدة الدفاع عن الموروثات ويرفع من سوية الدفاع عن الخيارات الحرة.

خامسًا: تتجلى الوحدة الوطنية في الحيزين السياسي والحقوقي بشكل أساسي، الأول تعبر عنه الدولة الحديثة (الجمهورية)، بما هي فضاء عام مشترك بين جميع مواطناتها ومواطنيها، وبين جميع الفئات الاجتماعية بالتساوي، الإثنية والدينية والمذهبية، والثاني يعبر عنه الدستور المحمي بمؤسسة تشريعية منتخبة بشكل حر ونزيه، وبقضاء مستقل عن السلطة التنفيذية. وفي سياق بناء الوحدة الوطنية السورية لا بدّ من كشف زيف وأضرار وأوهام الأيديولوجيات ما فوق الوطنية وما دون الوطنية على حد سواء.

سادسًا: العروبة والكردية فضاءان ثقافيان منفتحان على بعضهما بعضًا، وعلى الثقافات الأخرى، وعلى القيم الإنسانية العامة؛ وإن بناء الدول على أساس النقاء العرقي أو اللغوي أو الثقافي أو المذهبي هو أمر مستحيل، وليس له من معنى إلا التشريع للتمييز والاضطهاد والتطهير وانتهاك حقوق الإنسان.

سابعًا: إن الدّولة الوطنيّة الديمقراطية الحديثة تشكل الإطار السياسي والحقوقي الأرقى لتنظيم الحياة العامة في سورية، وسورية المستقبل هي لكل السوريين على نحو متساو وعادل دون تفاوت أو تفاضل، والانتماء لسورية هو القاسم المشترك بين السوريين، وليس هناك سوري أكثر سوريّة أو أقل من سواه. وأيّ نظامٍ سياسي يستمد شرعيتَه من هيمنة أغلبية دينية، أو طائفية، أو أيديولوجية عرقية، إنما يقوّض الديمقراطية وينتهكُ كلَّ نزوعٍ نحو المساواة. إن هدف الثورة السورية -كما نفهمه- هو التغيير البنيوي الشامل، وهو الذي لا يعني إسقاط النظام فحسب، بل وتفكيك بنية الدولة الشمولية وإعادة بنائها عبر تأسيس عقد اجتماعي جديد قائم على مبدأ المواطنة المتساوية، وحفظ حقوق وتمايزات الجماعات والفئات المتنوعة في إطار احترام السيادة الوطنية المفهومة فهمًا سويًا، ووحدة الجغرافية السورية التي لا تتعارض مع إقامة نظام حكم لا مركزي حديث.

ثامنًا: ضرورة بناء تنظيمات سياسية حديثة لا تقوم على أسس أيديولوجية، عقائدية، عرقية أو دينية أو مذهبية، بل على أساس برامج وطنية؛ تنظيمات وطنية سورية يدافع فيها العرب عن حقوق الأكراد والتركمان والآثوريين والأرمن وغيرهم، مثلما يدافع هؤلاء أنفسهم عن حقوقهم. التنظيمات السياسية الوطنية السورية الحديثة هي تلك التنظيمات التي يتشارك في بنائها سوريون من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة، ومن دون ذلك لا معنى لصفة الوطنية التي تلحق عادة بأسماء القوى والتحالفات السياسية المختلفة.

كما أكد الطرفان على أهمية وضرورة استمرار الحوار، والذهاب نحو التفاصيل والآليات والاستكشاف العميق للمفاهيم والأفكار والآليات، ما يسمح ببناء تفاهمات واضحة وحقيقية بين الطرفين، ومع القوى الأخرى الراغبة والقادرة، وصولًا إلى مستويات أعلى وأنضج من العمل الوطني المشترك.

 

المكتب السياسي لحزب الجمهورية (تحت التأسيس)        المجلس العام للقاء الوطني الديمقراطي

 

2 شباط/ فبراير 2017

542 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *