بيان حول المشروع الروسي للدستور السوري
شُغل السوريون خلال الأيام الماضية، بمشروع الدستور السوري، الذي أعدته السلطة الروسية، وكان واضحًا أن الأغلبية العظمى من السوريين قد رفضت هذا المشروع، لأنه -ببساطة- ليس من صنعها، ولأن تقديم السلطة الروسية لمشروع دستور لسورية في ظل وجود قوات عسكرية روسية على الأرض السورية، تساهم في قتل السوريين وتهجيرهم، ليس له من معنى إلا أن هذه السلطة تتصرف كسلطة انتداب.
الدستور هو أسمى وثيقة قانونية تعاقدية تنتجها مجموعة من البشر تعيش في منطقة جغرافية معينة، فهو يمثل تلاقي مصالحهم في العيش ضمن كيان سياسي واحد، وتوافقهم على طبيعة هذا الكيان وطريقة إدارته والمبادئ العليا الناظمة للحياة فيه.
تمثل الصيغة التي طرحت فيها السلطة الروسية مشروعها للدستور السوري وتوزيعه على بعض الأطراف المشاركة في ما يُعرف بمفاوضات “أستانا”، تجاهلًا لتاريخ السوريين العريق، فهم في طليعة الشعوب التي أنتجت دستورًا في العصر الحديث، حيث كان الدستور الصادر عن المملكة السورية العربية في عام 1920 نموذجًا متقدمًا بين دساتير الدول في ذلك الوقت، بكفالته المساواة بين السوريين وتعزيزه للحريّات، فضلًا عن إقراره لنظام حكم لامركزي متقدِّم.
إنّ الطريقة الوحيدة المقبولة سوريًا من روسيا، أو غيرها من الدول، هي الدفع في اتجاه استعادة الحياة الطبيعية الآمنة في سورية، والمساعدة في إخراج جميع الأجانب من أرضنا، وتوفير البيئة الملائمة التي تتيح للشعب السوري التوافق على وضع إعلان مبادئ دستوري لمرحلة انتقالية تنهي نظام الطغمة الحاكمة، بحيث يتضمن هذا الإعلان الأحكام والقواعد والمبادئ اللازمة والكافية لأداء مهمات هذه المرحلة، ريثما تتهيأ الظروف السياسية والأمنية الملائمة التي تسمح بإجراء انتخابات حرة لجمعية تأسيسية تضع مسودة دستور لسورية الجديدة، وتقدِّمه للاستفتاء الشعبي؛ فكتابة الدستور تتطلب توافر حدٍ أدنى من الأمن والهدوء والاستقرار والحرية، يتيح الفرصة لجميع السوريين للمشاركة وإبداء الرأي في توجهاته ومبادئه، بعيدًا من السلاح والقتل والتهديد والخوف والتشرد.
إننا في حزب الجمهورية، نشاطر معظم السوريين موقفهم الرافض لهذا الدستور، بغض النظر عن محتواه، ونرى أن السلطة الروسية بالنسبة إلى السوريين لا تزال سلطة معتدية، كونها ساهمت، ولا تزال، في قتل السوريين وتهجيرهم مباشرة، أو بحكم تغطيتها لجرائم الطغمة الحاكمة. وإن الحد الأدنى المقبول، الذي يمكن له أن يمهد لبناء نظرة مغايرة نسبيًا تجاه السلطة الروسية، يتمثل في خروج القوات العسكرية الروسية من الأراضي السورية والكف عن دعم الطغمة الحاكمة وميليشياتها.
إن السوريين وحدهم، بما يملكون من كفاءات، ومن معرفة بتاريخ بلدهم، هم المؤهلون لكتابة دستور بلادهم، ولا يحق لأي دولة أو جهة أن تفرض عليهم شيئًا لم يساهموا في صناعته.
المكتب السياسي لحزب الجمهورية 30 كانون الثاني/ يناير 2017
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...