مركز التسوق الجديد في طرطوس يثير السخط
المصدر: المنتدى الاقتصادي السوري
الخبر الأصلي باللعة الإنكليزية مصدره SYRIA DEEPLY
21 تشرين الثاني/نوفمبر- 2014
“تسعى السلطات السورية منذ ثلاثة سنوات لطمأنة الناس بأنه من الممكن للحياة في طرطوس أن تكون طبيعية، ولكن في الحقيقة؛ الأوضاع آخذة في التدهور”.
وفيما تستمر الحرب في سوريا، تمضي الحياة في مدينة طرطوس الساحلية بوتيرة طبيعية نسبياً. أطلق رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي -أحد رجال الرئيس بشار الأسد – مؤخرا سلسلة من المشاريع والمرافق السياحية في جميع أنحاء مدينة طرطوس فيما يتناسب مع دورها كمركز سياحي على شاطئ البحر. إلا أن مشروعا واحدا منها على الأقل قد أثار الجدل: وهو افتتاح مول طرطوس خارج المدينة؛ والذي يعتبر دليلا على انتعاش المدينة الاقتصادي والسياحي.
يزعم مؤيدو المشروع بأن مول طرطوس التجاري يؤمن للناس فرص عمل في الأوقات الصعبة. فقد عرض على محمد البالغ من العمر 32 عاما عملا في مركز التسوق هذا ولكنه رفضه؛ شارحا لصحيفة “سوريا في العمق” أسباب رفضه ذلك العمل وكيف أصبح المول بؤرة لزملائه الذين يعتقدون أن هذا المشروع يخدم أصغر دائرة من نخبة السوريين أكثر من أي وقت مضى.
يقول محمد “لقد رفضت العمل لأن الراتب المعروض 15.000 ليرة سورية أي أقل من 100 دولار أمريكي في الشهر مقابل عشرة ساعات من العمل يوميا. هذه ليست مهنة؛ بل مهانة. لدي شهادة جامعية في الاقتصاد. أستحق راتبا أفضل”.
“وفر هذا المول 200 فرصة عمل فقط برواتب منخفضة حتى الآن، على الرغم من أن تكاليف بناءه فاقت ملايين الدولارات. بإمكان الأغنياء فقط الاستفادة من هذا المول؛ فيما تستمر معاناة الفقراء والمشردين وجرحى الجيش”.
“من المحبط رؤية إعلان مركز التسوق الضخم في الوقت الذي يترك فيه المئات من جنود النظام للموت في الصحراء أو القتل على يد قوات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وفي الوقت الذي تتجاوز فيه أعداد العاطلين عن العمل الآلاف في طرطوس – بما فيهم المئات من جرحى المحاربين القدامى الذين يناضلون بصعوبة لتأمين تكاليف علاجهم”.
إلا أن ما يثير غضبي حقا هو إنفاق كل ذلك المال على بناء المول وصرف مبالغ أكبر على المشاريع السياحية الأخرى. كان من الممكن أن تعود كل هذه الأموال بالفائدة على الناس فيما لو أنفقت على مشاريع صناعية حقيقية مثل ورشات عمل أو مصانع صغيرة والتي تكلف مالا أقل وتوفر فرص عمل للكثير من الفقراء، إلا أنها لا تفيد مقيمي المول من رجال الأعمال: هم يريدون تحقيق أرباحا طائلة وسريعة، ولا تعترضهم السلطات الرسمية أو تشجعهم أو تجبرهم على إقامة أنشطة اقتصادية أكثر إنتاجية.
يقع مركز التسوق خارج القرية بالقرب من مدخلها الجنوبي الشرقي وبجوار المنطقة الصناعية للمدينة؛ حيث لا توجد أية مناطق سكنية ومعظم محلاته لا زالت فارغة. بالإضافة إلى أن عدد زواره لا زال ضئيلا جدا ومقتصرا على الأغنياء فقط.
يحتفل المشيدين والسلطات المحلية بافتتاح المول في الوقت الذي تدفن فيه الأسر أبنائها أو تداوي جرحاها. فيما يتابع البعض الأخبار بقلق لسماع أي خبر عن أبنائهم المفقودين أو المخطوفين. لقد أثار هذا المركز التجاري موجة هائلة من السخط والغضب لدى الناس. لقد بذلت عائلتي جهدا كبيرا لتحصيل ما يلزم من المال لمواصلة علاج أخي المصاب خلال قتاله في صفوف الجيش السوري. نضطر في بعض الأحيان لاستدانة المال من أقاربنا أو معارفنا وذلك لتغطية تكاليف علاجه الطبية. وفي الوقت ذاته، ينشغل المسؤولين السوريين بمثل هذه السخافات؛ كافتتاح مركز للتسوق.
من الناحية السياسية، تحاول السلطات على مدار ثلاثة أعوام طمأنة الناس بأنه من الممكن أن تكون الحياة طبيعية هنا، إلا أن الأوضاع آخذة في التدهور في الحقيقة. يزداد الفقراء فقرا والأثرياء ثراء، وتستمر الحرب دون نهاية تلوح في الأفق.
تتجاهل السلطات حاجات الناس العادية؛ نفس الناس المساندين للنظام في حربه على معارضيه. إننا لا ننحدر إلا باتجاه المزيد من البؤس بغض النظر عن هذا المول التجاري أو أي مشروع مشابه من شأنه الترويج لدليل تقدم الأوضاع باتجاه الاستقرار والتحسن.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...