

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
بعد أن اجتمعت مجموعة العمل الدولية من أجل سورية في جنيف منتصف عام 2012 وأصدرت (بيان جنيف)، قرر المجتمع الدولي أن نهاية الأزمة السورية لا بد وأن يكون سياسياً لا عسكرياً، وبدأ بوضع خطط ومبادرات لإيجاد حل سياسي لأزمة أوشكت أن تُنهي عامها الخامس وهي تزداد ضراوة ودموية.
منذ ذلك الوقت بدأ (أو تظاهر) المجتمع الدولي بأنه بدأ يبحث عن طرق ووسائل لفرض حل سياسي على أطراف الأزمة السورية الداخلية والخارجية، وتبنّى مبادرات عدة، واستضاف اجتماعات يصعب حصرها، ولم تبق دولة معنية بالشأن السوري إلا وتحركت على أكثر من صعيد للتأكيد على اهتمامها بذلك، أو لجعل الحل يتقدّم خطوة ملموسة واحدة، لكن دون جدوى.
عُقدت مؤتمرات كثيرة واجتماعات ثنائية وجماعية، وطولبت المعارضة السورية بتقديم برامجها الواضحة للحل السياسي وللمرحلة الانتقالية ومرحلة ما بعد تغيير النظام، وبالفعل قدّمت ما طُلب منها في اسطنبول والقاهرة وباريس، ثم طولبت بتوحّد رؤاها فتوحدت في الرياض، ثم طولبت قوى المعارضة المسلحة أن تُعلن رفضها للإرهاب وتبدأ محاربته ففعلت وخسرت كثيراً في حرب شرسة ضد النظام من جهة وقوى الإرهاب من جهة ثانية، وكل ذلك لم يدفع بالحل السياسي نحو الأمام قيد أنملة.
ما حصل بعد مؤتمر جنيف قبل ثلاث سنوات ونصف، وهو المؤتمر الذي أقرّ وحدانية الحل السياسي، هو أن زاد النظام السوري من مستوى حربه على الشعب، فاستخدم سلاح الطيران والكيميائي وصنع ميليشيات طائفية منفلتة قتلت دون حساب أو محاسبة، وسيطرت إيران على قرار النظام السوري السياسي والعسكري، وعاثت فساداً في سورية ودمّرت بنية المجتمع وفككته وخرّبت العيش المشترك، وتدخلت روسيا عسكرياً لتشارك النظام السوري في جرائم الحرب التي ارتكبها وما يزال، ولتدمر وتقتل أكثر فأكثر، أما تنظيم الدولة الإسلامية المشكوك بعلاقته العضوية مع النظام وإيران فقد سيطر على قسم كبير من سورية بعد أن كان يسيطر على بعض المناطق في ذلك الوقت، كما أقام أكراد متعاونون مع النظام كانتونات كردية بإدارة ذاتية بما يشبه الانفصال، واستكمل النظام حربه ليرفع عدد القتلى من سبعين ألفاً قبل مؤتمر جنيف إلى نحو نصف مليون الآن، كما تم تدمير أهم المواقع الأثرية في سورية، وما تبقى من مستوصفات ومشافٍ ومراكز إغاثة في مناطق سيطرة المعارضة.
هذه بعض النتائج العملية لبحث المجتمع الدولي عن حل سياسي للأزمة السورية منذ مؤتمر جنيف وحتى اليوم، أما النتائج السياسية فقد تجلت أساساً في زيادة حدة الخلافات بين الدول المعنية بالأزمة وتوتر العلاقات بينها إلى درجات تلامس الخطر.
من الواضح أن المجتمع الدولي الذي يبحث عن حل سياسي للأزمة السورية لم يُدرك أن إيران وروسيا استثمرتا المليارات في سورية لتحقيق أهدافهما، وقامرتا بسمعتهما الدولية من أجل ذلك، وضربتا بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والسياسية والبشرية والدينية من أجل الوصول لأهدافهما، وإن لم يحققا ذلك سيستمران بفعل كل شيء إلا التفكير بالحل السياسي.
من الواضح أنه ما لم تُحقق إيران وروسيا ما تريدانه في سورية فإن الحرب لن تنتهي ولن يمر أي حل سياسي كان أم غير سياسي، ففي روسيا ثمة من يريد توسيع امبراطوريته واستعادة مجد (عزيز قوم ذلّ)، ويريد السيطرة على الشرق الأوسط سياسياً وعسكرياً، وإقامة قواعد حربية تُخيف الأصدقاء قبل الأعداء وتُرعب الطامعين، والهيمنة على طرق التجارة العالمية ومخازن النفط المزعومة في عمق المتوسط وإعادة رسم خطوط توزيع الغاز، أما في إيران فهناك من يريد أن تصبح إيران قوة إقليمية عبر استعراض عضلاتها في سورية، ويعمل في نفس الوقت لإقامة هلال شيعي يصل أفغانستان بلبنان، ونصر إيديولوجيته على كل الإيديولوجيات الأخرى، ويسعى للقصاص للحسين الذي قُتل قبل أربعة عشر قرناً، ويحلم بعودة مُظفّرة لكسرى أنو شروان والرجوع بالزمن ومحو الهزائم المُذلّة التي مني بها الفرس والانتصار من جديد ـ افتراضياً ـ في معارك القادسية وذات السلاسل والولجة ونهاوند.
ما لم تُحقق إيران وروسيا بنك أهدافهما في سورية فإنهما لن تمدا اليد لأي حل سياسي، ولن تقوما بأي مبادرة حسن نيّة، وستستمران في تعطيل كل الحلول السياسية منها وغير السياسية، وستشجعان النظام على ممارسة كل عنفه وكذبه وتلونه لتعطيل أي شيء، وستضربان بعرض الحائط الإرادة الدولية الجمعية وقواعد حسن الجوار وتغامران بمستقبل المنطقة كلها دون أن يهز لهما جفن.
عملياً، هنا تبدأ المشكلة وهنا تنتهي، وكل ما عدا ذلك مضيعة للوقت، وأمام السوريين والمجتمع الدولي احتمالان، إما تقديم كل ما تريده إيران وروسيا على طبق من ذهب، دون مناكفة وخلافات وحروب، وليذهب الشعب السوري للجحيم وكفى المؤمنين شر القتال، أو أن يقف المجتمع الدولي، وأمريكا بالخصوص، موقفاً صلباً واضحاً حاسماً قوياً لتقول لهما كفى، عندها سيعرفان أن عبثهما وراء الحدود قد انتهى، لكن يبدو أن ذلك لن يتحقق الآن، وعلى السوريين العض على أصابعهم على أمل أن يتحقق ذلك عندما يأتي سيد جديد للبيت الأبيض.
المصدر: المدن
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...