

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
تفجيرات في منطقتين “آمنتين” تقعان تحت سيطرة النظام السوري، بفارق يومين فقط. تفجير سيارة مفخخة في 2/9/2015 في محافظة اللاذقية في حي “الحمّام” الشعبي (غالبية سكانه من العلويين المرغمين على قبول النظام السوري، لأنهم بداهة لن يقبلوا طواعية الاتجاهات الإسلامية التي باتت تسيطر على المجهود العسكري المواجه للنظام)، أودى الانفجار بحياة عشرة مدنيين وجرح العشرات. وتفجير سيارتين مفخختين في 4/9/2015 في جنوب سوريا في السويداء (غالبية سكانها من الموحدين الدروز الذين لم يتمكنوا أن يتعرفوا على أنفسهم في أي من طرفي الصراع الدائر، ومزاجهم العام أقرب إلى الحياد عن الطرفين). إحداهما على طريق ضهر الجبل والأخرى أمام المشفى الوطني في السويداء، أوديا بحياة حوالي 30 شخصاً كان بينهم الشيخ وحيد البلعوس الذي اتخذ مع مجموعة من رفاقه (شيوخ الكرامة) خطاً سياسياً مغايراً لخط مشيخة العقل في جبل العرب.
ليس غريباً على أي من الجماعات العسكرية البارزة في سوريا اليوم (النظام من ضمنها) أن تقوم بمثل هذه التفجيرات، فقد أثبتت هذه الجماعات، باجتهاد قل نظيره، أنها لا تقيم وزناً على الإطلاق لحياة الإنسان بصرف النظر عن العمر أو الصفة أو أي اعتبار آخر.
لكن يبقى السؤال الذي يلح على الذهن، إذا افترضنا أن تفجير اللاذقية الذي استهدف قتل مدنيين”علويين” بطريقة عشوائية، يمكن أن تقوم به القاعدة وتفريخاتها، كما فعلت في العراق حين بدا أن غايتها الأولى قتل أكبر عدد من الشيعة، فاستهدفت مواكبهم الدينية، كيف لنا أن نفهم اغتيال الشيخ البلعوس في السويداء؟
فاعلية هذا الشيخ كانت تؤثر بصورة سلبية على النظام لسببين، الأول هو أن البلعوس كان يساند شباب السويداء في امتناعهم عن الخدمة في الجيش النظامي، والثاني أنه كان يشكل نقطة استقطاب مستقلة عن النظام في مواقفه من رئيس فرع الأمن العسكري والمحافظ ونقده مواقف النظام السوري من البدو (استخدام البدو كعصا دائمة ضد أهل الجبل) ومن موضوع المحروقات (عدم تأمين مستحقات المحافظة من المحروقات وشيوع ما يسمونه “المازوت الداعشي” الناتج عن تكرير بدائي والقادم من مناطق سيطرة تنظيم داعش شمال شرق سوريا الذي يصل إلى السويداء على مسافة أكثر من 700 كم) ..الخ.
دون الضياع في التكهنات التي تفتح الباب لاحتمالات لا تنتهي وترمي الجريمة في دائرة المجهول، فإن الدافع السياسي للتخلص من البلعوس متوفر لدى النظام السوري أكثر مما هو متوفر لدى “عصابات الإرهاب والتكفير” حسب البيان الصادر عن الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في سوريا “الدروز” التي أدانت التفجيرين ودعت إلى “التلاحم بين أبناء المحافظة بأطيافهم المتنوعة وبواسل جيشنا العقادئي”، في اصطفاف صريح مع النظام السوري.
لكن في ردود فعل الجمهور في السويداء ما يؤازر البيان المنسوب إلى بيرق الكرامة بقيادة ابو يوسف رأفت البلعوس (شقيق الشيخ المغدور) والذي يحمل “زمرة وفيق ناصر وعصابة الأسد في السويداء” مسؤولية التفجيرين، ذلك أن أهل السويداء توجهوا في احتجاجاتهم إلى المقرات الأمنية في المحافظة وعبروا من خلال تحطيم تمثال الأسد الأب في ساحة السويداء أنهم يحملون النظام مسؤولية الجريمة.
مع تحول الدولة من مؤسسة عامة يركن إليها الناس ويولونها شؤونهم، إلى مؤسسة تستولي عليها طغمة وتسخرها لخدمة استمرار حكمها، يمكن أن يتخيّل المرء كل الشرور.
من الطبيعي أن يتساءل المرء عن صلة بين الجريمتين: هل كان تفجير اللاذقية هو الانتقام الذي توعد به الولد الأسدي “سليمان الأسد” الذي قتل العقيد حسان الشيخ وتوعد الذين تظاهروا مطالبين بإعدامه؟ أم أن تفجير اللاذقية كان مقدمة لتفجير السويداء كنوع من التغطية؟ أم أنه كان للغرضين معاً؟
صحيح أن اغتيال الشيخ البلعوس قد أثار غضب أهل السويداء ضد النظام السوري الذي لم يكف عن القتل دون أن يقدم أي أفق لحل سياسي، لكن سيطرة الإسلاميين على الجبهة العسكرية المضادة للنظام تؤدي إلى حصر غضب أهل السويداء في السويداء دون أن يرفد عملية التغيير الشاملة في سورية.
أهل السويداء اليوم يسيطرون على السويداء، ولكن هذا الفعل لن يراكم كثيراً في خانة التغيير الشامل وسيبقى فعلاً محصوراً ودون زخم طالما بقي محلياً لم يتخذ بعداً سورياً عاماً. ويمكن القول إن النظام السوري ما كان ليجرؤ على مثل هذه الأفعال لولا يقينه من أن السويداء لا يمكن أن تتماهى مع “ثورة” يقودها إسلاميون، تماماً كما هو الحال بالنسبة لأهل الساحل.
والحق أن البلعوس نفسه كان يحمل بعداً محلياً راجحاً في نشاطه وكان تصريحه الشهير إننا لسنا موالاة ولا معارضة إنما نريد أن نعيش بكرامة. مضيفاً: “أنتم لكم إيران (يقصد النظام) والبقية لهم السعودية، نحن نعيش بكرامة أو تحت الأرض بكرامة”.
في اللاذقية كما في السويداء، لا يتوانى النظام السوري عن أي شيء مع إدراكه أن الناس هنا وهناك لا يمكن أن تتقبل الإسلاميين. ومع إفلاسه وعجزه عن تأمين أدنى شروط الحياة الكريمة في مناطق سيطرته، ومع استشراء كل ما يمكن أن يدفع الناس للثورة عليه في مناطق سيطرته ذاتها، يصبح الإرهاب الوسيلة الوحيدة في ضبط جمهوره.
المصدر: هنا صوتك
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...