

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
لعلّ هذا السؤال يشكل صيغة ملتبسة ، لأن الجواب الأولي الذي يتبادر إلى الذهن ، هو سؤال آخر بصيغة نقيضة له وهو : هل الحل العسكري ممكنا في ظل الظروف الدولية والإقليمية والمحلية ! ؟ .
إزالة الالتباس تتطلب منا بالدرجة الأولى تحديد مفهوم الحل السياسي ، لأن الذين يتحدثون عن الحل السياسي يتحدثون عن أشياء مختلفة ومن وجهات نظر مختلفة ، وهذا ينطبق على الداخل والخارج معا ، فعندما يقف مسؤول دولي بجانب أحد المعارضين ويتحدثان معا عن ضرورة الحل السياسي في سورية فإن الاثنين يقصدان شيئا مختلفا وهنا اساس الالتباس ، ولفك هذا الاشتباك في المفاهيم لابد من تثبيت بعض المسلمات :
إن كل هذه المقاربات لو دققنا فيها تسقط من حساباتها تماما مقولة ” الشعب يريد ” وهي بالمعنى الحقيقي للكلمة تلغي مفهوم الثورة لصالح مفاهيم مثل التمرد والعصيان والحرب الأهلية وهنا تلتقي مع المجتمع الدولي في القفز عن حقيقة ما حدث في سورية منذ آذار عام 2011 وإن كانت تتناقض معه في فهمها للحل السياسي .
لماذا وصلنا إلى هنا … ؟!
لعلّ الإجابة على هذا السؤال تتطلب قدرا كبيرا من المكاشفة والصدق مع الذات ومع السوريين أيضا ، فالثورة السورية بدأت كحركة اندفاع مجتمعي عفوي وحقيقي يملك تصورا عاما عما يريد من خلال شعارات الكرامة والحرية واستعادة الدولة وحكم القانون ، ومن الطبيعي لأي حركة أو ثورة شعبية أن لا تملك برنامج تفصيلي للوصول إلى هذه الأهداف ، صناعة البرنامج التفصيلي والواقعي من مسؤولية الحركات السياسية والنخب إن جاز التعبير ، عندما تنسجم مع طروحات الشعب وتتماهى معها في الرؤية العامة ثم ترسم الطريق ، هذا تماما ما عوّل عليه السوريون في نهاية عام 2011 عندما تم تأسيس المجلس الوطني فشعار ” المجلس يمثلني ” كان التجسيد للتفويض الشعبي للمجلس برسم خارطة الطريق للوصول لأهداف الشعب ، وهذا الوعي والإدراك الشعبي كان متقدما بمراحل على وعي ورؤية كل الحركات السياسية والنخب التي تعتبر نفسها كذلك .
إن فشل تجربة المجلس الوطني والتي يتحملها كل أعضائه دون استثناء ، وعقم و ” سذاجة ” من تصدروا المشهد الإعلامي في عام 2011 كمتحدثين باسم السوريين وصراخهم الذي ملأ كل الشاشات بضرورة تسليح الناس والانخراط في عمل عسكري ضد النظام دون إدراك حقيقي لهذه الخطوة وتداعياتها على الداخل السوري ، لقد وقف هؤلاء ينادون بحمل السلاح وبضرورة أن تقوم الدول بتسليح السوريين وهم خارج البلاد ويعتبرون أنفسهم قادة سيقوم الشعب بعد أن يحمل السلاح بخلع بشار وحملهم على الأكتاف ليضعهم في قصر الشعب ، هذه الرؤية الساذجة التي كان أغلب من تصدر المشهد الإعلامي يتبناها بناء على قراءة سطحية لموقع سورية الجيوسياسي والاشتباك الإقليمي على النفوذ في سورية ، فلقد كان عند هؤلاء قناعة راسخة بأن الشعب عندما يحمل السلاح ويبدأ معركة خلع النظام سيأتي العالم راكضا إلى أعتابهم يرجوهم أن يوافقوا على تسلم السلطة بعد أن تقوم أمريكا وحلفاءها بدعم الناس بعمل عسكري .
هذه الرؤية ليست افتراضية بل هي القناعات الراسخة التي كانت تدور في أوساط هؤلاء المعروفين بالاسم وتصريحاتهم وصراخهم ما زال محفوظا لدى أرشيف المحطات الإعلامية وسيأتي يوم لمحاكمتهم على هذا الفعل الغبي والمدمر ايضا من خلال إيهام الناس بقصر المعركة وبالتدخل العسكري القادم .
يضاف إلى فشل تجربة المجلس الوطني انتهازية حركات الإسلام السياسي التي ساهمت ليس في تدمير أي إطار تمثيلي جامع يقوم على اساس وطني فقط ، بل إنها رغبت منذ البداية بإطالة أمد الصراع حتى تتمكن من إعادة بناء قواعدها في الداخل السوري ، لقد كان محرك هذه الحركات عاملين ، رغبة جامحة مزمنة باستلام السلطة وحس عميق بأن زمن الانتقام من نظام البعث قد حان وآن قطاف الثمار ، ستكشف لنا الأيام القادمة مستوى العبث والتخريب الذي مارسته هذه الحركات وهي تعيش حالة من حالات ” الخرف الأيديولوجي ” الذي أعمى بصيرتها عن رؤية الحقائق ، لقد افترضت هذه الحركات بانتهازية غريبة أن ظهور بوادر التشدد يخدمها ويخدم أهدافها ، فهذه الحركات تدرك أن حجمها في الشارع السوري لا يؤهلها لحكم سورية بأي شكل من الأشكال ، ولذلك رأت أن ظهور التطرف والحركات الجهادية المتشددة سيخدم هدفها باستلام السلطة لأنه في ظل هذه الحالة المتشددة التي رافقها صعود كبير في المشاعر الدينية ، سيضطر العالم إلى القبول بها لأنها تمثل إسلاميا وسطيا قابلا للتعايش مع العالم ، من خلال رؤية مشوهة للوضع السياسي في تركيا ، ورغم كل المآسي التي مرت بها سورية ما زالت هذه الحركات تسوق نفسها بالمقولة التالية : ” إن مواجهة إسلام متشدد لا يمكن أن تنجح إلا بإسلام وسطي معتدل نحن نمثله ” طبعا لن نقول أن هذا الهدف هو عرض عمالة للغرب ” الكافر ” كما يرونه ويدعون في أدبياتهم .
يضاف إلى هذه العوامل الداخلية العامل الإقليمي الذي وجد نفسه في خضم أزمة كان يتمنى أن لا تقوم ، ولذلك سعت كل الدول الإقليمية للتدخل وفق وجهات نظر كل دولة ولحماية مصالحها الذاتية دون أي اعتبار لحقيقة ما يحدث في سورية ، ولقد وجدت كل دولةإقليمية استطالة لها في الداخل السوري تمتثل لأوامرها وتمثل مصالحها .
في خضم كل هذا الاشتباك على المستوى السياسي والعسكري بل و” المفاهيمي ” لجوهر وحقيقة ما يحدث في سورية هل هناك مجال للحديث عن حل سياسي ؟!! .
يجب أن نبدأ كما قلنا في البداية من خلال توصيف ما يحدث في سورية لأن هذا التوصيف هو الشرط الاساسي لتحديد مفهوم الحل السياسي ، فإذا قلنا أن ما يحدث في سورية هو ثورة شعبية تهدف لإسقاط نظام الحكم المستبد واستبداله بنظام آخريضمن الحرية والكرامة وحكم القانون ، فهذا يعني أن الحل السياسي يجب أن يقوم على تنفيذ هذه الأهداف ، ومن هنا تماما أيدنا وما زلنا نؤيد وثيقة جنيف 1 لأنها وضعت في عام 2012 أي عندما كانت الثورة الشعبية في ذروتها وتضمنت هذه الوثيقة خارطة طريق عقلانية لتحقيق أهداف السوريين ببناء دولتهم الوطنية الديمقراطية ، وبالتالي اي تجاوز أو تخلي عن وثيقة جنيف بكامل بنودها هو تماما تخلي عن أهداف الثورة ، لأن أي حل سياسي خارج جنيف ينطلق من توصيف آخر لحقيقة ما يحدث في سورية .
إن رفضنا لمبادرة السيد ديمستورا ينطلق أساسا من النقطة السابقة لانها لا تشكل خروجا على وثيقة جنيف وحسب ، بل هي تقوم على توصيف لما يحدث في سورية بأنه حرب أهلية مترافقة مع حركة عصيان مسلح تمارسه الجماعات الإرهابية ، ولهذا السبب يقترح السيد ديمستورا أن الحل في سورية هو إقرار مبدأ ” لا غالب ولا مغلوب ” وهذه المبدأ هو اساس الحل في أي حرب أهلية ، وبالتالي على جميع الأطراف أن تقتنع بهذا المبدأ وتجلس للطاولة لتتفاوض على حصصها من الحكم والسلطة ، وفي ظل الوضع السوري وتعقيداته سنصل حتما لموضوع المحاصصة الطائفية على السلطة اسوة بلبنان والعراق .
إن الثورة لا تحتمل صيغة ” لا غالب ولا مغلوب ” فالثورات إما تنجح بتحقيق هدفها أو أهدافها أو تفشل ، ولذلك كنا ندعو وما نزال إلى ضرورة تبني صيغة عمل وطني تنطلق من وضع ميثاق للعمل الوطني تتفق عليه القوى السياسية والعسكرية الوطنية ومن ثم يطلب من الجميع بما فيهم القوى والفصائل العسكرية بالإلتزام بهذا الميثاق ومن يخرج عنه وعن أهدافه يجب عدم التهاون معه بذريعة أنه يقاتل النظام وأن المعركة اليوم مع بشار ، إن هذه الرؤية الواضحة والتي لا تحتمل أي مواربة هي الكفيلة فقط بإنقاذ ما تبقى من سورية من التدمير العسكري على يد النظام والتطرف ومن التدمير السياسي على يد دول العالم .
عندما نتفق على رؤية موحدة تنطلق من المصلحة الوطنية وتنطلق من جوهر ما حدث ويحدث في سورية باعتباره ثورة ، فإننا قادرون على دفع العالم للتعاطي الجدي معنا ومع قضيتنا ، وغير ذلك سيبقى الطامحون والطامعون يلهثون وراء حصة من سلطة تبنى على جماجم أبناء وطنهم .
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...