أمهات تنظيم الدولة الإسلامية…الجزء الأول

               
 كرستيان بودرو                                                    داميان
في كاليغاري، ما بين تدريب كرة القدم وساعات العمل كمحاسبة والجلسات مع الجيران، تقضي كريستيان بودرو أوقات فراغها تشاهد فيديوهات تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وهي تنظر باهتمام لشاشة الكمبيوتر. جلست في قبو منزلها متوسط الحال في ضاحية غالبية قاطنيها أيضاً من الطبقة المتوسطة، داخل غرفة خالية كانت في السابق غرفة ابنها الأكبر، داميان، وهي تشاهد رجالاً ببنادق كبيرة يقفون مثل المراهقين. شاهدت معارك بالأسلحة النارية. شاهدت إعدامات. ولكن قلما انتبهت السيدة بودرو لسفك الدماء. كان كامل تركيزها على الوجوه التي تخفيها الأقنعة، علَّها تلمح عيني ابنها.

………………………………………………………………………………………………………………………

           

     كارولينا دام                                                          لوكاس

في كوبنهاغن، كانت كارولينا دام متوترة وخائفة، فقد ذهب ابنها لوكاس إلى سوريا منذ سبعة أشهر. قبل ثلاثة أيام تلقت رسالة تفيد أنه قد أصيب في حلب، ولكنها كانت متأكدة أنه قد مات. تجلس وحدها ذات مساء تدخن بعصبية، لم تستطع أن تمنع نفسها من إرسال رسالة إلى ابنها عن طريق فايبر، كتبت: “لوكاس، ابني الحبيب، أحبك جداً، أفتقدك وأريد أن أحضنك وأحسَّ بك، وأحمل يديك الناعمتين بين يدي وأبتسم لك.” لم تتلق أي رد. وبعد مرور شهر، كتب إليها شخص ما، ولكن لم يكن لوكاس:”وماذا عن يديَّ هههه”

لم يكن لدى دام أي فكرة عمّن اخترق هاتف ابنها أو حسابه بفايبر، ولكنها كانت ترغب في الحصول على معلومات. حاولت أن تظل هادئة، وردت عليه: “ويديك أيضاً، عزيزي، ولكن بالدرجة الأولى يدَي لوكاس.” سألها الشخص “هل بإمكانك تحمل بعض الأخبار؟”ردت عليه دام “نعم، عزيزي”. مرت بضعُ ثوانٍ، ثم جاء الرد: “أصبح ابنك مجرد أشلاء.”

……………………………………………………………………………………….

             
توريل                                                      توم ألكسندر

في النرويج، علمت توريل، التي طلبت عدم التصريح باسمها الأخير، بخبر وفاة ابنها توم ألكسندر، عبر المجند الذي أرسله إلى سوريا للقتال. أرادت دليلاً على ذلك، لذلك قابلت ابنتيها سابين وسارة (هذه ليست أسماءهما الحقيقية)، المجند في محطة قطار أوسلو أخذ يقلب الصور في الأيباد الخاص به حتى وصل إلى الصورة التي تهمهم: وهي صورة لتوم ألكسندر وهو مصاب بطلق ناري في رأسه، وإحدى عينيه تتدلى من محجرها.

عندما تلقت الأخبار، رقدت توريل ببساطة في الفراش. لم تتحرك تقريباً لمدة أسبوع. وعندما استجمعت قواها أخيراً لتستحم، خلعت ملابسها وشاهدت انعكاسها في مرآة الحمام، ألفت نفسها في الشكل الذي شعرت به: “مكسورة، مثل المزهرية.”

…………………………………………………………………………………………………


صليحة بن علي                                                          صبري

في بروكسل، صليحة بن علي، الابنة العصرية، التي ولدت في أوروبا من أصل مهاجرين مغاربة وتونسيين، كانت في مؤتمر للمساعدات الإنسانية، عندها بدأت تشعر بألم حاد في معدتها. لم تشعر بمثل هذا الألم منذ أعوام. تقول “كان كأنْ يكون في بطنك طفل، وهذا الطفل عليه أن يخرج،” ذهبت إلى المنزل باكراً وبكت طوال الليل.

وبعد ثلاثة أيام، تلقى زوجها مكالمة هاتفية من رقم سوري، أخبرهم الرجل أن ابنهم صبري البالغ من العمر 19 عاماً، ابنهم الذي كان يعشق موسيقى الريغا والكلامَ مع أمه عن الأحداث العالمية، قد مات في نفس اليوم الذي سقطَ فيه بن علي مريضاً. أدركت حينئذٍ أن آلامَ بطنها كانت عكس آلام ولادة صبري: لقد كان جسدها يخبرها أنَّ ابنها قد مات.

…………………………………………………………………………………………………………………………….

هؤلاء النساء فقدن أولادهن في الدولة الإسلامية، والتي تعرف أيضاً باسم ISIS. بعد انضمامهم للقتال في صفوفها. يذهب البعض بمواقفة الأهل، والغالبية سراً، آخذين معهم كل معاني الحياة الطبيعية. ذهبوا تاركين آباءهم في نمطٍ من أنماط الحزن السريالي في خصوصيته. الحزن على فقد أبنائهن، والأسف لما قد فعلوه أو فعلنه، والشعور بالخزي عند مواجهة “الأعداء” من الأصدقاء والجيران، والشك في كل الأشياء التي اكتشفن أنهن لم يعلمن عنها حول الشخص الذي كنَّ السبب في مجيئه إلى العالم. خلال العام الماضي، التقى العشرات من هؤلاء الأمهات من جميع أنحاء العالم بعضهن البعض، واجتمعن حول رابطة قوية نشأت من فقدهن أبناءهن. إن ما يردنه أكثر من أي شيء، هو الشعور بعبثية ما حدث لأولادهم، وربما، باتخاذ بعض العبر من موتهم.

لقراءة الجزء الثاني اضغط هنا

المصدر: هافينغون بوست

159 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *