

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
“خلاص تعودنا” .. ولم يكن اليوم استثناء، ولو أنه دور الطيران الروسي لقصف المدينة.
نهرع للوقوف على أسطح البناية التي استأجرنا بيتا فيها؛ بعد أن تم تهجيرنا من بلدتنا سلوك شمال الرقة من قبل “قوات حماية الشعب الكردية” ومنعتنا من العودة إليها.
“نتفرج” على الطائرات الروسية أو طائرات النظام أو التحالف وهي تقصف. نعدّ الغارات ونميز تابعية الطيران من حجم الدمار أو صوت الانفجار، نراقب الطائرات بما يشبه لهو الأطفال فهذا “يُجنّح” وذاك ينقضّ والآخر “يشفع″، مصطلحات رغم الدمار التي تحدثه هذه الطائرات نتداولها ونحن الذين لم نر هناك في ريفنا البعيد قبل سنتين سوى طائرة واحدة رشت مبيدات زراعية بربيع عام مضى أو من خلال أخبار التلفزيون.
القصف نعمة لنا .. ونزهة
عندما يحلق الطيران فوق سماء مدينة الرقة يتحلل أهالي المدينة، نوعا ما، من أوامر داعش وخصوصا نحن النساء اللاتي لم نعد نطيق هذا السجن وهذا اللباس.
نصعد إلى أسطح المنازل دون اللباس الشرعي الذي فرضه داعش وندخن في الهواء ونختلط بجميع سكان البناية؛ نراقب طائرات الموت وهي تحطم مدينتا!.
ويحدث أن تخرج بعض النسوة اللواتي يتصفّن بالشجاعة ليمشين بضعة أمتار في الشارع وهن يشعرن بهواء الحرية على وقع هدير الطيران، دون أن تلبسن الدروع والنقاب.
وما إن يسمعوا هدير الطائرات حتى يسارع عناصر داعش للاختباء في مداخل البنايات السكنية بيننا، وكالفئران يمدون برؤوسهم ثم يختفون إلى أن يروننا أو يسمعون كلامنا عن أن الطائرات قد غادرت، فيخرجون وقتها إلينا أسودا يتبخترون ويبدؤون بإصدار الأوامر، هكذا جرت العادة.
اليوم كان الدور للطيران الروسي الأكثر وحشية حتى من طيران النظام، حيث نوعية صواريخه وقنابله ونوعية أهدافه التي كانت بعيدة كل البعد عن مراكز داعش وهو السبب الأول والمعلن في مجيء هذه الطائرات.
ولكن هنا كانت الكذبة الأكبر والتي أخافتنا لأول مرة، فهم أغبياء وعنيفون ويحدثون دمارا كبيرا وشهداء بين المدنيين كالعادة، لكن رغم الخوف تجمّعنا فوق سطح البناية نساء ورجالا وأطفال، منا من أحضرت ركوة القهوة ومن أحضر شايا وكأننا بنزهة، نراقب منذ التاسعة صباحا الطائرات المغيرة ونخمّن مكان نزول صواريخها.
عناصر داعش الجبناء
وكالعادة أيضا انتشر الفئران من عناصر داعش في مداخل البنايات السكنية رغم أن مقراتهم لا تتعرض للقصف. كان كل ما يحدث يشبه الموت البطيء، طيارات تقصف ونحن معرضون في أية لحظة للموت، وهم يختبئون كالجرذان.
وفي استراحة بين طلعتي قصف مدّ أحدهم رأسه من مدخل البناية المقابلة، والتي يسكنها أيضا مهجّرين من الريف الشمالي، ورآني أنفث الدخان، لم يكن كدخان الدمار الذي خلّفه دمار الطائرات الروسية والتي جاءت بسببه، ولكنه رآني .. رآني وأنا لا ألبس اللباس الشرعي، ولكنه لم ير النساء المقطعات الأوصال والأطفال المتناثرين أشلاء غير بعيد عند الجسر العتيق وصرخ بي: “تستّري يا حرمة”.
لا أعرف كيف أصف حنقي وغضبي وقتها، فأنا لا أكره كلمة في حياتي قدر كرهي لهذه الكلمة “حرمة”، ثم: “أتدخنين يا فاجرة؟! .. لقد رأيتك وعرفتك”.
لم أفكر بتصرفي وقتها، كنت أبحث عن أية حركة تعبّر عن سخطي، وأنا المرأة الخمسينية، فما كان مني إلا أن مددت نصف جسدي من فوق حائط السطح وأخذت أغبّ دخان السيجارة وأنفثه باتجاهه. ينقذني هدير الطائرات مع اقترابها من جديد، فيسألني العنصر الجبان: “يا أختي .. يا أختي، هل عادت الطائرات من جديد؟”
أجيبه: نعم .. أدخل جحرك أيها الفأر”.
سألتها: وماذا حدث بعد ذلك، ألم تخشين أن يتعرف إليك ويطبق أحكام داعش عليك؟.
أجابتني: طبعا لم أخف، فالبناية التي أسكن فيها سطحها غير مسوّر، فقفزنا وقت القصف إلى سطح البناية المجاورة، ثم أننا نخرج في الطريق نلبس الدرع والنقاب ولا يستطيعون تمييزنا من بعضنا البعض.
المصدر: أخبار الآن
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...