7- الثقافة الوطنية

أ- معنى الثقافة
الثقافة هي روح الشعب ومعارفه المتشكلة عبر التاريخ والمتفاعلة مع التناج الثقافي العالمي ومع الجديد في المجالات كافة، وتشمل كل المضامين الفكرية والعلمية والوجدانية والقيمية في مختلف مجالات وظواهر السلوك الاجتماعي، وتشكل ركناً من أركان بناء الوطن وأعمدته، ولها دور مهم في صوغ هوية المجتمع، وخلق أنماط متجددة من الوعي والسلوك، إذا ما توفرت الشروط الديمقراطية.
بالثقافة ومن خلالها تتجلى مقومات وخصائص وجود المجتمع وتتحدَّد معالم شخصيته العامة، ومنها يستقي المجتمع منظومة المبادئ والمثل والقيم الأساسية، ويتشكل نسيج الخصوصية والمعايير والطرائق والأنماط المشتركة والأساسية التي يتعذر بغيابها قيام أي وحدة أو تآلف اجتماعي، وبالتالي تحقيق أي إنجاز أو سبق حضاري.
من هذا المنطلق، ومن أهمية دور الثقافة في تقدم المجتمع ينبغي العمل على ضمان استقلالية وحرية الحيز الثقافي عن السلطة السياسية بعد أن تم إلحاقه بها لعقود عدة، وذلك من خلال ضمان حرية التجمعات الثقافية والإفساح في المجال لتأسيس الجمعيات والنوادي الفنية والسينمائية والأدبية ورفع وصاية السلطة والحزب الحاكم عن اتحاد الكتاب ونقابة الفنانين، وجعل المراكز الثقافية ميداناً مفتوحاً للنشاط العام الحر، ودعم الدولة معنوياً ومادياً لجميع المجالات الثقافية في الآداب والفنون والعلوم والمعارف الإنسانية، واحترام المثقفين والفنانين ورفع كافة الضغوط الممارسة عليهم وإفساح المجال لهم للتعبير بحرية واستقلالية والمشاركة في الشأن العام.

ب- التنمية الثقافية
أصبح مفهوم التنمية الثقافية من أسس تقدم الشعوب، ومن ثوابت سياسات الدول، فالتنمية الثقافية عنصر أساسي من أسس التنمية الشاملة المستمرة، لا تقوم إلا بها، ولا تؤدي دورها إلا من خلالها، على اعتبار أن التنمية عملية متكاملة العناصر، مترابطة الحلقات، متصلة الأسباب، مطردة المراحل.
التنمية الثقافية اليوم مطلب أساسي لردم الهوة التي تحصل بين التحديث الاقتصادي والتنظيمي من جهة، ومقدرة المجتمع على التعامل مع هذا التحديث بحكم خلفيته الفكرية والثقافية التقليدية من جهة ثانية.
العولمة في أحد وجوهها عملية لإعادة بناء ثقافة العالم، وتتطلب التعامل معها من باب المشاركة لا من باب الخوف، ومن جهة تحقيق العالمية في ثقافتنا، والاستفادة من الثقافات الكبرى في العالم. وهذا يعني عملياً بناء وتطوير وتنمية مشروعات ثقافية وطنية تستوعب الأبعاد الاجتماعية المحلية وتتفاعل بإيجابية مع الثقافة العالمية، أي استيعاب تراثنا وثقافتنا الموروثة واستيعاب منتجات الثقافات الكبرى في العالم وإنتاج ثقافة وطنية ذات صفات عالمية. ولذلك نرى:
– إدخال مفهوم التنمية الثقافية في الأجهزة الرسمية والإدارية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشئون الثقافية والتربوية.
– تشكيل هيئة مستقلة للثقافة والتراث الوطني، تحتضن كافة الاتجاهات والطاقات الثقافية والإبداعية في المجتمع، وتعنى بشؤون التنمية الثقافية من أوجهها المختلفة.
– صوغ إستراتيجية ثقافية شاملة تشمل تشييد مرافق بنية تحتية للثقافة من مسارح ودور سينما ومراكز ثقافية للأطفال والناشئة في مختلف محافظات ومناطق الجمهورية تهيئ الخدمات الثقافية الضرورية.
– إقامة النظام الثقافي والسياسة الثقافية على الثوابت الوطنية بعيداً عن تحكم المصالح السياسية والحزبية وسيطرة الدولة ومصادرتها للمؤسسات والأجهزة والأقنية والفعاليات الثقافية.
– استصدار التشريعات الكفيلة بتحقيق أهداف وأبعاد السياسة الثقافية، وضمان حرية التعبير وتنمية روح الحوار البناء وملكة الإبداع والابتكار وتشجيع المواهب والمبادرات الثقافية والفكرية الفردية والجماعية، ورعاية المبدعين وحماية حقوقهم الأدبية.
– إلغاء كافة أشكال الحواجز والقيود على جميع الأنشطة الفكرية والإبداعية، وإعطاء المبدعين من أدباء وفنانين ومثقفين المكانة التي يستحقونها عبر نشر نتاجاتهم محلياً وعربياً وعالمياً، وتطوير مقراتهم، وضمان حق جمعياتهم ونقاباتهم في تشكيل الوفود لحضور المؤتمرات والمهرجانات والندوات والمعارض التي تشارك بها سورية في الخارج. إضافة إلى زيادة الاهتمام بالمبدعين من فنانين وأدباء، والاعتراف بحقوقهم الاقتصادية والمهنية، وتوفير الضمانات الاجتماعية والصحية لهم من أجل ضمان استمرارهم لدفع المستوى الثقافي إلى الأمام في المجتمع السوري.
– الاهتمام بالتراث العربي والإسلامي والكردي والآثوري وتشجيع تطوير هذا التراث ودراسته بشكل علمي وموضوعي، والعمل على إعادة استقراء تراثنا، وتمحيصه واستجلائه وتنقيته من الشوائب والتشوهات التي لحقت به في عصور التخلف والانحطاط، وتحقيق أمهات كتب التراث ونشرها، وصوغ علاقة جديدة للموقف من الموروث الشعبي، بهدف إعادة توظيف ما ينطوي عليه هذه الموروث من عناصر وقيم إيجابية وفق رؤية عصرية لإثراء الثقافة المعاصرة.
– وضع سياسة لحماية الآثار الوطنية وتحويلها إلى أماكن جذب سياحي وتعريف الأجيال الجديدة على تاريخ بلادهم، والتوسع في بناء متاحف متخصصة، بما فيها المتاحف التعليمية.
– تنظيم مهرجانات ومسابقات ثقافية دورية في مجالات الإبداع الفني والثقافي والعناية بتشجيع حركة النشر المحلي ودعم المبدعين والكتاب في طباعة وتوزيع نتاجاتهم الإبداعية وكتبهم.
– إنشاء المؤسسات والمراكز البحثية والعلمية وإمدادها بالإمكانيات المادية والمعنوية اللازمة، وتشجيع القطاع الخاص ودعمه للاستثمار في مجال النشر والتوزيع وفي مجال البحث العلمي، وتشجيع ودعم الدراسات والبحوث العلمية وتسهيل كل السبل أمام العلماء والمتخصصين لارتياد أبواب الاجتهاد والاكتشاف والإبداع.
– الاهتمام بالكتاب الوطني وتوسيع المكتبات الوطنية العامة والمراكز الثقافية ودور النشر والتوزيع.
– العناية باللغة العربية وتشجيع حركة تعريب وتوطين العلوم، وباللغات الأخرى كالكردية وغيرها.
– تطوير وتشجيع حركة النشر وتوفير الكتب والصحف والمجلات وكافة وسائل التثقيف وتسهيل حصول المواطنين عليها في كل أنحاء الجمهورية بما يحقق توصيل الثقافة إلى الجميع.
– تطوير ثقافة الطفل، وتقديم المواد الإنسانية لثقافته والخالية من العنف والقيم العنصرية والخرافة والكراهية.
– تعزيز جسور التواصل الثقافي بين أبناء المجتمع السوري وبين أشقائهم وإخوانهم في المجتمعات العربية، وتوفير سبل التواصل مع الدول المتقدمة للاستفادة من خبراتها في مختلف جوانب العلوم والثقافة.

15 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *