مدلولات الكلمات وتأثيرها على مفهومنا للثورة
استخدمت الكلمة الإنكليزية Revolution والتي ترجمت في اللغة العربية إلى ثورة، في الأصل للدلالة على الحركة الدائمة للكواكب، وانتقلت هذه المفردة من علم الفلك إلى علم السياسة عام 1688، عندما وصف البريطانيون، أو جزء منهم، تمردهم على الملك جيمس الثاني وعزلهم إياه، وتولية الملك ويليام الثالث وزوجته ميري الثانية الحكم، وتقييد سلطات الملك، وإقرار وثيقة الحقوق والحريات، والتي بها انتقلت إنكلترا من كونها مملكة حكم الفرد، إلى كونها مملكة دستورية.
انطلق مستخدمو هذا اللفظ (revolution) من أساس هو أن الدول (أنظمة الحكم) تنشأ وتنمو (وتتطور) ثم تصل إلى مرحلة من الثبات (عدم الحركة) ثم تبدأ بالانحدار. وهذه النظرة لتطور الأمم متوافقة مع النظرة الخلدونية (نظرة ابن خلدون)، ولكن الفرق بين النظرة الخلدونية والنظرة الإنكليزية لحلقة تطور الأمم هذه هي أن ابن خلدون ربطها بالعصبية كروح محركة لنمو الأمم وازدهارها، بينما ربطها الإنكليز بالقانون.
إذاً عندما تصل الدول إلى مرحلة عدم الحركة ومن ثم الانحدار، لا بد من إعادة الحركة إليها على مسار التطور أي لا بد من revolution، وهو تماماً ما تعنيه هذه الكلمة، فالجذر Re في اللاتينية (والإنكليزية والفرنسية) يعني إعادة، وكلمة evolution تعني حركة أو تطور.
إن الأزمة في ترجمة كلمة Revolution إلى ثورة في اللغة العربية، أن كلمة ثورة في العربية تعني هيجان وغضب (ثَارَ مِنْ ظُلْمٍ لَحِقَهُ: هَاجَ، اِسْتَطَارَ غَضَبُهُ).
السؤال الذي أود أن طرحه عليكم، هل اختلاف مفاهيم الكلمات هذه أثر بشكل لا واعٍ على تصور شبابنا (ونحن جميعاً) للثورة السورية فجعلها ثورة غضب وهيجان أكثر منها ثورة لإعادة التطور والحركة؟ بناءً عليه، هل علينا إعادة النظر في نظرتنا إلى مسيرة الثورة السورية؟ هل علينا إعادة النظر في نظرتنا لرؤيتنا فيما يتعلق بالخطوات اللاحقة في هذه الثورة؟
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...