

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
أكدت في أكثر من مقال سابق على أن الثورة التي انطلقت في مارس/آذار 2011 في سورية هي ثورة عظيمة، بكل ما في الكلمة من معنى. فقد قامت هذه الثورة “ضد نظام يكاد يكون فريداً في وحشيته ودمويته، نظام فاشي يمارس القتل والتنكيل بدم بارد، لا يردعه قانون ولا أخلاق. والناس الذين يتمردون ضد مثل هذا النظام، رغم معرفتهم بطبيعته الإجرامية، ورغم الذكريات الأليمة التي يحملها كل منهم خلال نصف القرن الذي تسلط فيه على رقابهم، هم، دون أدنى شك، ثوار عظام سيخلدهم التاريخ”.
اليوم، بعد خمس سنوات من التدمير والتنكيل والقتل والتشريد والتجويع حتى الموت و… و…، وبمجرد أن أُعلن عن توقف آلة القصف والقتل، ولو لفترة قصيرة مؤقتة، يعود الشعب السوري العظيم، في داريا ودوما وحلب وإدلب ودرعا ومعرة النعمان وكفر نبل وغيرها وغيرها من المدن والبلدات السورية الثائرة، ليعيد رفع شعاره الأثير “الشعب يريد إسقاط النظام”، وغيرها من الشعارات التي تؤكد على الكرامة والحرية والمواطنة المتساوية ونبذ الطائفية والانقسام والتشرذم، في مظاهرات حاشدة، تزينها حلقات الدبكة والرقص الشعبي، رغم كل المآسي التي واجهها الشعب في هذه المدن.
وعلى الرغم من أن معظم القوى الإقليمية والدولية تخلت عن الشعب السوري، وتركته هدفاً للقتل والتجويع والتشريد من قبل النظام وحلفائه، فإن الثورة مستمرة. ففصائل الجيش الحر تقاوم، بالقليل الذي يتوفر لها، آلةَ الحرب الروسية، بكل جبروتها وميليشياتِ حزب الله والمليشيات الإيرانية والعراقية وغيرها، وتتزايد حالاتُ التنسيق والتوحد بين صفوفها، سعياً لتكوين قيادة عسكرية مركزية واحدة، رغم كل الصعوبات والعقبات.
كما أن القوى السياسية التي تمثل الثورة، إلى هذا الحد أو ذاك، تتجذر مواقفها أكثر فأكثر، وتفرز من بين صفوفها أنصار الثورة الحقيقين من المزيفين. ولعل أبرز مثال على ذلك الهيئة العليا للمفاوضات، التي أثبتت خلال شهرين فقط من عمرها صلابة الموقف، ووضوح الرؤية، والترفع عن الهرولة وراء المكاسب المادية أو المعنوية. لقد تمكنت الهيئة، من خلال صلابة موقفها وتمسكها بثوابت الثورة السورية، أن تفرض احترامها على المجتمع الدولي بكافة أطرافه، وأن تكسب ثقة الثوار المقاتلين على الأرض ودعم معظم فئات الشعب السوري، بحيث صار هناك قرار سياسي وعسكري واحد يفرض نفسه على الجميع. وهذا بالذات (وحدة القرار) هو ما يتيح استمرار الثورة وتقدمها نحو تحقيق أهدافها ببناء نظام ديمقراطي تعددي يضمن المواطنة المتساوية لكل السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية أو الطائفية أو الإثنية أو غيرها.
ولعل من أهم مؤشرات استمرار الثورة السورية وتجذرها، انخراط أفراد ومجموعات سياسية أكثر فأكثر في تنظيم نفسها دعماً للثورة وتحقيقاً لأهدافها. والمتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي يلحظ العدد المتزايد من المواقع السياسية والفكرية والحوارية التي تتبنى أطروحات الثورة. كما أن تأسيس حركات سياسية وثقافية، تتبنى أهداف الثورة وتعمل على وضع الآليات المناسبة لتحقيقها يعد من أبرز الدلائل على أن الثورة السورية ماضية في طريقها، غير عابئة بالعقبات التي يحاول أعداؤها وضعها في ذلك الطريق.
تكفي الإشارة هنا إلى حزب الجمهورية، الذي وضع أهم وثيقة فكرية صدرت في سورية لحزب سياسي، وبرنامج عمل صارت تسترشد به معظم المؤتمرات والندوات واللقاءات التي تبحث في مسارات الثورة السورية وآليات الوصول إلى أهدافها. وكحركة ضمير التي تأسست مؤخراً في باريس وتضم نخبة من أهم الكتاب والأدباء والفنانين السوريين الذين عُرفوا بنتاجهم الثقافي المتميز ومواقفهم الداعمة للثورة.
تلعب منظمات المجتمع المدني العديدة التي تنشأ داخل سورية وخارجها أدواراً هامة في تثبيت دعائم الثورة واستمراريتها، سواء من خلال العمل على تقديم ما يمكن تقديمه من مساعدة للمناطق المحاصرة، وللمحتاجين من السوريين في كل مكان، أو من خلال تطور بعض هذه المنظمات باتجاه اكتساب مزيد من الوعي بأهداف الثورة وآليات العمل على تحقيقها. وعندما يتعرف المرء على تجارب مجالس المحافظات والإدارات المحلية في المناطق المحررة من سلطة نظام الاستبداد، يشعر بالفخر والاعتزاز بهذا الشعب العظيم الذي لا تثنيه الكوارث عن متابعة حياته في الوقت نفسه الذي يتابع فيه ثورته.
فالمؤسسات التعليمية بكل مراحلها تنشأ وتتطور وتعدل مناهجها لتتلاءم مع أهداف الثورة، والمؤسسات الصحية تجترح المعجزات تحت القصف الهمجي، على الرغم من شح الأدوية والأدوات الطبية اللازمة، والنظم التشريعية والقضائية تحاول تنظيم حياة الناس وحفظ أمنهم رغم العقبات والصعوبات العديدة. لا يضير الثورةَ السورية تعددُ القوى والحركات السياسية والفكرية التي تمثلها، أو تدعي تمثيلها.
فالتاريخ يعلمنا أن الثورات العظيمة تكوّن تعبيراتها السياسية والفكرية عبر مسيرتها الطويلة. وأنها لا تبلور أهدافها دفعة واحدة، كما أنها لا تحقق تلك الأهداف إلا عبر كثير من المطبات والتراجعات والإخفاقات فضلاً عن النجاحات. وفي صيرورة الثورة يتم فرز الأشخاص والقوى والحركات، بحيث يتوحد أولئك الذين يعبرون عن تطلعات الشعب في المرحلة التاريخية المعنية، ويُستبعد الانتهازيون وراكبو الموجة وقناصو الفرص.
كما لا يضير الثورة السورية استيلاء داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية المتطرفة على بعض المناطق، ورفع شعارات وممارسة سلوكيات لا تتلاءم مع الثورة وأهدافها. ففي كل ثورات التاريخ تحاول جماعات متطرفة حرف الثورة عن أهدافها، وأمراء حرب يعملون على استغلالها، وخارجون عن القانون يعيثون في أرض الثورة فساداً. ولنا من سلوك شبيحة النظام السوري الذين يمارسون النهب والسلب والتعفيش، فضلاً عن القتل والتنكيل، خير مثال على مثل تلك السلوكيات.
فمن أطلقه النظام من سجونه لتشويه الثورة لا يختلف كثيراً عمن أطلق له العنان للاعتداء على حياة الناس وأعراضهم وممتلكاتهم. ختاماً أقول لجميع المتشككين باستمرارية الثورة السورية ووصولها الحتمي لتحقيق أهدافها: تابعوا صور المظاهرات التي انطلقت في جميع المدن والبلدات الخارجة عن سيطرة نظام الأسد خلال الأيام الماضية، وانصتوا إلى الهتافات والشعارات التي رفعت فيها، لتدركوا كم يحمل هذا الشعب العظيم من ثقة بانتصار قضيته، وكم هو مصمم على الخلاص من الطغيان والفساد إلى الأبد.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...