

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
أولاً: مقدمة تاريخية.. كي لا ننسى
كانت الثورة السورية التي انطلقت في منتصف شهر آذار/ مارس 2011 مفاجئة وصاعقة لجميع الجهات الداخلية والخارجية، فقد تهرب الجميع في بدايتها من اتخاذ أي موقف واضح إزاءها، وترددت القوى العظمى في الأشهر الأولى في تحديد موقفها من مطالب السوريين في الحرية والكرامة.
كان الجميع يراهن على انطفاء الثورة في مهدها، ولم يكن أحدٌ يرغب في اتساعها أو شمولها لأسس الاجتماع السياسي في سورية، وكانت مواقف جميع هذه القوى نابعة من موقع سورية الجيوسياسي في المنطقة باعتبارها نقطة توازن وتمفصل لنفوذ هذه القوى، فضلاً عن العامل الاسرائيلي وما يعنيه من ضرورة تثبيت الوضع في لبنان وفق الحالة التي ىسادت بعد حرب تموز/ يوليو 2006.
لقد نأت القوى العظمى بنفسها عن محاولة الاقتراب من هموم السوريين، وفوضت جامعة الدول العربية التي حاولت التدخل في البداية منطلقة من مبادرة تقوم على الإصلاح التدريجي، والسماح بالتظاهر السلمي ووضع قانون جديد للأحزاب وصولاً إلى انتخابات مبكرة على أساس تعددي. وقد قُدِّمت هذه المبادرة في شهر آب/ أغسطس 2011، لكن الطغمة الحاكمة رفضتها وشنت هجوماً واسعاً على الجامعة العربية، وترافق ذلك مع تصعيد كبير بالعنف وسياسة الاعتقال العشوائي لقمع الثورة وإنهاء الاحتجاجات التي اتسع نطاقها لتشمل أغلب المناطق والمدن السورية.
وبعد ازدياد عدد الشهداء بشكل كبير، واستخدام الآليات الثقيلة في اقتحام المدن ومحاصرتها، تقدمت الجامعة العربية بخطة عمل في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، وأصدر مجلس الجامعة في 22 كانون الثاني/ يناير 2012 قراراً يتضمن خطة عمل كاملة تبدأ بسحب الحشود العسكرية من المدن والإفراج عن المعتقلين والسماح بحرية التظاهر ودخول وسائل الإعلام، ومن ثم تيسير عملية انتقال سياسي في سورية تحقق تطلعات السوريين في بناء نظام ديمقراطي.
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة العمل العربية بقرارها رقم 253/66 تاريخ 16 شباط/ فبراير 2012، إذ تم تكليف الأمين العام بالتشاور مع الجامعة العربية لتعيين مبعوث مشترك لتنفيذ خطة العمل العربية.
قام الأمين العام بتعيين السيد كوفي عنان كمبعوث مشترك استناداً إلى القرار سالف الذكر، وبعد الاتصال مع عدد كبير من الجهات وضع السيد كوفي عنان خطة عمل سميت “خطة النقاط الست”، والتي اعتمدها مجلس الأمن بالقرار 2042 في 14 نيسان/ أبريل 2012.
راوغت الطغمة الحاكمة بقبول هذه الخطة، وأرسلت رسالة إلى السيد كوفي عنان في 1 نيسان/ أبريل 2012 تلتزم فيها تنفيذها. وعلى هذا الأساس أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2043 في 20 نيسان/ أبريل 2012 والذي تم وفقاً له إنشاء بعثة لمراقبة تنفيذ الخطة.
بعد فشل تطبيق الخطة بسبب إصرار الطغمة الحاكمة على نهجها، وتوسعها في استخدام القوة وزج الطائرات الحربية لقمع الثورة في المدن السورية، دعا السيد كوفي عنان إلى تشكيل مجموعة عمل لوضع حل سياسي للوضع في سورية. وفعلاً تم الاجتماع في 30 حزيران/ يونيو 2012، إذ صدر عن المجتمعين “بيان جنيف 1” الذي تضمن مجموعة من الإجراءات، منها تنفيذ خطة النقاط الست، وتحقيق عملية انتقال سياسي تبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية.
نتيجة لرفض النظام التزام بيان جنيف، وتكثيف استخدامه للقوة العسكرية، وجه السيد كوفي عنان رسالة إلى مجلس الأمن في 13 تموز/ يوليو 2012 يطالب فيها المجلس باتخاذ إجراءات رادعة للنظام السوري تجبره على تنفيذ قرارات مجلس الأمن والانخراط في عملية سياسية تؤدي إلى انتقال حقيقي للسلطة في سورية، ومن ثم تقدم باستقالته من مهمته لإدراكه أن مجلس الأمن لن يتدخل لفرض حماية المدنيين وإجبار النظام السوري على الانصياع لموجبات القانون الدولي.
بعد استقالة السيد كوفي عنان، تم تعيين السيد الأخضر الإبراهيمي كمبعوث مشترك لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، والذي بدأ مهمته في ظل تحول الوضع في سورية إلى حرب حقيقية تخوضها الطغمة الحاكمة ضد المدن الثائرة، إذ توسعت عمليات القصف الجوي والصاروخي، إضافة إلى ارتكاب عدد كبير من المجازر واتباع سياسة تهجير المدنيين من بيوتهم حتى بات نحو نصف السوريين خارج أماكن سكنهم الطبيعية، وأصبحوا إما نازحين في مناطق أخرى أو لاجئين في دول الجوار. لم يستطع السيد الأخضر الإبراهيمي إنجاز أي شيء من مهتمه التي كانت تنصب على تنفيذ بيان جنيف 1 بسبب رفض النظام وإصراره على حسم الأمور في الميدان بالتشارك مع ميليشيات طائفية عديدة جلبها من لبنان والعراق وأفغانستان وإيران، ما حول الصراع، في جزء كبير منه، إلى صراع مذهبي، في ظل تنامي ردات الفعل التي أفرزت مجموعة من التنظيمات المتطرفة في الصف المقابل.
في خضم تطور الحوادث، بقي مجلس الأمن عاجزاً ومشلولاً بسبب الفيتو الروسي الصيني المزدوج، وبسبب عدم رغبة الولايات المتحدة في إيجاد حلول كان من الممكن توفيرها عبر دول الإقليم نفسه، فازداد العنف وتعمقت وحشية الطغمة الحاكمة حتى وصلنا إلى ما يمكن تسميته بذروة صمت المجتمع الدولي، وذلك في شهر آب/ أغسطس 2013 عندما كسر النظام جميع الخطوط الحمر واستخدم السلاح الكيماوي في جريمة مروعة ذهب ضحيتها أكثر من 1400 مواطن سوري من الغوطة الشرقية، معظمهم من الأطفال والنساء.
لقد كانت جريمة استخدام السلاح الكيماوي في 21 آب/ أغسطس 2013 اختباراً للمنظومة الدولية بأسرها. وللأسف، بدلاً من معاقبة المجرم، لجأ المجتمع الدولي إلى البحث عن وسائل مصادرة أدوات الجريمة، فتم توقيع اتفاق بين النظام ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في 27 أيلول/ سبتمبر 2013، ونص الاتفاق على تسليم السلاح الكيماوي والمكونات التي تدخل في صناعته، وتدمير جميع المنشآت التي تصنعه خلال مدة أقصاها منتصف عام 2014. أقر مجلس الأمن هذا الاتفاق في القرار رقم 2118 تاريخ 27 أيلول/ سبتمبر 2013، كما اعتمد القرار في الوقت نفسه بيان جنيف بالكامل، ودعا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لتحقيق عملية انتقال سياسي تبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية.
استناداً إلى هذا القرار، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في مدينة جنيف بين المعارضة السورية ممثلة بالائتلاف الوطني من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى. وقد عقد المؤتمر ابتداءً من كانون الثاني/ يناير 2014، إذ جرت جولتا تفاوض بين الجانبين، وأعلن المبعوث الدولي السيد الأخضر الإبراهيمي في ختامهما تعليق التفاوض بسبب رفض النظام السوري قبول جدول الأعمال الذي اقترحه، والمتضمن بحث تشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية. ومن ثم استقال السيد الأخضر الإبراهيمي من مهمته بعد أن لمس عدم جدية الجهات الدولية في الضغط على النظام لتنفيذ بيان جنيف وفق ما نص عليه القرار رقم 2118 لعام 2013.
بعد استقالة السيد الأخضر الإبراهيمي، قام الأمين العام بتعيين السيد استيفان ديمستورا مبعوثاً دولياً جديداً، والذي كان هذه المرة مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة، وليس مشتركاً للأمم المتحدة والجامعة العربية، وذلك بعد شبه الانسحاب الذي قامت به الجامعة العربية من الملف السوري وترك الأمر للأمم المتحدة. وفي خضم هذه التطورات اتسع نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وتمدّد بشكل خطير عبر سيطرته على مناطق شاسعة من العراق وسورية، وأعلن دولة الخلافة في شهر حزيران/ يونيو 2014، ما شكل عنصراً جديداً يضاف إلى عناصر الصراع.
بدأ السيد ديمستورا مهمته من خلال اقتراحه توقيع مجموعة من الهدن المحلية في بعض المناطق السورية، واقترح مشروع حلب أولاً، الذي لم يلقَ أي قبول من معظم جهات المعارضة. ثم دعا السيد ديمستورا إلى مشاورات ثنائية بينه وبين جهات سورية قام بتسميتها واختيارها بشكل لا يستند إلى أي معايير واضحة، بحيث شكل المدعوون إلى لقاءات جنيف مع المبعوث الدولي خليطاً غير محدّد المعالم من أشخاص ومنظمات مجتمع مدني وناشطين سياسيين، وبعد هذه المشاورات تقدم بمشروع مبادرة إلى مجلس الأمن في 29 تموز/ يوليو 2015 في تقرير الإحاطة الذي قدمه إلى مجلس الأمن.
ثانياً: المقاربة التي بنيت عليها مبادرة ديمستورا
يمكن أن نحدِّد الملامح التالية في مقاربة السيد ديمستورا للوضع في سورية:
ثالثاً: عناصر مبادرة السيد ديمستورا
أ _ تقوم مبادرة السيد ديمستورا على تشكيل أربع مجموعات عمل تتولى بحث المسارات التالية بشكل متزامن، وهي:
ب _ سوف يقوم السيد ديمستورا بتشكيل مجموعات العمل من ثلاثة أثلاث، يسمي هو الثلث الذي يمثل المعارضة، كما يسمي الثلث الذي يمثل منظمات المجتمع المدني، ويقوم النظام بتسمية الثلث الذي يمثله.
ت _ سوف تبدأ مجموعات العمل، حال تشكيلها، بالمناقشات في شهر أيلول/ سبتمبر 2015 في مدينة جنيف.
رابعاً: رؤيتنا لمبادرة السيد ديمستورا
في الختام، نؤكد على أن الحل السياسي في سورية لن يكون إلا عبر التنفيذ الأمين والصادق لقرارات الشرعية الدولية ولا سيما القرارين 2118 و2042، وهما قراران واضحان لا لبس فيهما. كما أن مكافحة الإرهاب والتطرف لا يمكن أن تنجح إلا بخلق البيئة الآمنة اللازمة لمعالجة أسباب ظهور الإرهاب والمتمثلة بالجرائم الوحشية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الطغمة الحاكمة في سورية.
إن نكوص المجتمع الدولي عن التزاماته المفروضة، وفقاً للقانون الدولي، تجاه مأساة الشعب السوري، وترك الطغمة الحاكمة توغل في دم السوريين أكثر فأكثر، يتطلب من جميع القوى والفعاليات السورية والتيارات والكيانات السياسية أن تبدأ بخطة عمل واضحة لإيصال رسالة قوية إلى المجتمع الدولي مضمونها أن السوريين يريدون الحل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وهم يريدون حماية وحدة واستقلال بلدهم وتحقيق العدالة للضحايا. وهذا الأمر لن يتم إلا عبر التنفيذ المباشر والأمين لخارطة الطريق التي نصّ عليها بيان جنيف، والتي تبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالية تمارس كامل السلطات التنفيذية في الدولة ولا يكون لبشار الأسد وزمرته من المجرمين أي دور في المرحلة الانتقالية أو بعدها، بل يجب تطبيق موجبات القانون الدولي وإحالته إلى المحاكمة بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها والجرائم ضد الإنسانية، وليس إدخالنا في متاهة البحث عن دور له أكان في المرحلة الانتقالية أو بعدها. إن مطالبة السوريين بأن يبحثوا موضوع مشاركة المجرم في المرحلة الانتقالية هو ضرب لكل القيم والمبادئ الأخلاقية والقانونية التي قامت عليها الأمم المتحدة، تلك التي يستند إليها مفهوم الشرعية الدولية.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...