“زمن الثورة.. الأزمات والفرضيات الأولى” لسلامة كيلة
“القدس العربي” – 10 مايو 2015
رانيا يوسف
“الكتاب حاول مواجهة هذه الموجة من اليأس، وسوء الفهم، والتخبط، ليقول إن ما جرى مفتتح مسار ثوري، قد يطول وقد يقصر، لكنه مستمر. ولقد كان مفتتحاً فقط لأن عفوية الشعب بالغة القوة التي ظهرت فيها لم تلاقِ من القوى من يستطيع تحديد مسارها، ووضعها في سياق يفرض «إسقاط النظام» بمعناه الاقتصادي السياسي.”
صدر للكاتب الفلسطيني سلامة كيلة كتاب جديد عنوانه «زمن الثورة.. الأزمات والفرضيات الأولى»، ضمن سلسلة «كتاب الهلال» مايو/أيار 2015، بغلاف لافت صممه الفنان محمود الشيخ.
يستكمل المؤلف في عمله الجديد تحليل المشهد، بعد أكثر من أربع سنوات على الحراك الشعبي في العالم العربي، وسقوط أنظمته، ومحاولة أنظمة أخرى للاستمرار، في استهانة بالغضب الشعبي وتوالي أرقام الضحايا، حيث الشعب مجرد «أرقام» وليسوا بشرا لهم أسماء وذكريات ومحبون. وبعد النشوة التي رافقت انتصار بعض الثورات العربية ساد وجوم، حيث لم تحقق الثورات أيا من أحلام الشعب الذي ثار وهو يعرف مطالبه المباشرة، وشارك في الثورة لأنه يريد تحقيق هذه المطالب.
ما جرى تغيير «في الشكل» دون المضمون، تغير اسم الحاكم، وظلت الأوضاع التي فرضت التهميش والفقر والبطالة وانهيار التعليم وتراجع الاهتمام بالصحة العامة. وقد أدى ذلك إلى ردود فعل متعددة.. من الانكفاء والإقرار بالفشل، إلى اليأس والاقتناع بأن شيئا لم يتحقق، إلى الاندفاع نحو الفهم ومعرفة الأسباب التي جعلت ثورات كبيرة لا تقود إلى تغيير عميق. كل ذلك فرض متابعة المشكلات التي رافقت الثورات العربية، منذ خلع زين العابدين بن علي في تونس في يناير/كانون الثاني 2011، وتلمس أسباب العجز عن تحقيق التغيير المنشود، ومتابعة ردود الأفعال التي واجهت الثورات.. ردود فعل الطبقة المسيطرة، والدول الإقليمية والدول الإمبريالية، وبالتالي تحوّل الحراك الشعبي إلى صراعات وتدخلات عالمية، وميل عميق لإجهاض الثورات وتدميرها.
ويرى المؤلف أن «الربيع» تحول إلى «خريف» بسرعة لا مثيل لها، وتعمم في الإعلام، وتردد على ألسنة «النخب» والأحزاب الكهلة. فعادت الأمور أكثر سوداوية وإحباطا، والأفق ظهر مسدودا، حتى قال البعض إن ما جرى لم يكن ثورة بل «مؤامرة»، وإن كل ثورات هذه «الدهماء» لم يكن بفعلها الذاتي نتيجة أزماتها، بل بفعل «الروموت كونترول» الإمبريالي. ورغم مرور أكثر من أربع سنوات، ما زلنا نعيش «لحظة الارتداد» التي تبدو كذلك فقط، هكذا تظهر فحسب. هي لحظة الندب والعويل، والخوف من الأصولي والرعب من التغيير، ومن ثم القبول بعودة «الاستقرار»، الاستقرار فقط. فقد مُسِخت الأحلام، وتطايرت الأوهام، وظهرت حدود الواقع التي لم يرد هؤلاء وعيها.
الكتاب حاول مواجهة هذه الموجة من اليأس، وسوء الفهم، والتخبط، ليقول إن ما جرى مفتتح مسار ثوري، قد يطول وقد يقصر، لكنه مستمر. ولقد كان مفتتحاً فقط لأن عفوية الشعب بالغة القوة التي ظهرت فيها لم تلاقِ من القوى من يستطيع تحديد مسارها، ووضعها في سياق يفرض «إسقاط النظام» بمعناه الاقتصادي السياسي. لهذا لم تفعل العفوية سوى إضعاف النظم، وفرض تغيير فيها، النظم التي حاولت المناورة من أجل الاستمرار فقدّمت تنازلات شكلية. وما يجعل هذا المسار يطول أو يقصر، بالتالي، هو معالجة النقص الذي ظهر في الثورات منذ البدء، حيث كانت ثورات شعبية عفوية بكل معنى الكلمة. وفي رأي سلامة كيلة أن الإسلاميين لن ينجحوا في الحكم، لأن برنامجهم الاقتصادي، ورؤيتهم الديمقراطية سوف يفرضان استمرار صراع الطبقات الشعبية ضد كل حكومة جديدة، وضد كل حزب لا يحمل حلا لمشكلات هذه الطبقات. بالتالي فقد دخلنا في مرحلة عدم استقرار على صعيد النظم، مع استمرار حركات الاحتجاج بمستويات مختلفة. وهو ما ظهر واضحا في مصر، حيث انتهى حكم الإخوان بثورة شعبية، وفي تونس حيث تراجعت حركة النهضة بعدما شهدت ما جرى في مصر.
سلامة كيلة ولد في مدينة بيرزيت في فلسطين سنة 1955، خرج للدراسة الجامعية سنة 1973 ولم يعد يستطيع العودة إلى فلسطين، لأنه أصبح مطلوبا لدى الدولة الصهيونية.
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...