الوعر

نداء من أهالي وسكان حي الوعر المحاصر في حمص

16 شباط 2015
من أهالي وسكان حي الوعر المحاصر في حمص إلى عموم أهالي وسكان مدينة حمص وريفها.
نحن جميعاً سكان مدينة حمص-قلب سورية وروحها- وهي في القلب نحملها, وإذا اضطرب القلب واعتلت عضلته…فعلى سورية التي نحب السلام, سوريا التي تمضي نحو التشظي والتمزق, وما يحمل ذلك من ويلات تهدد وجودنا, وتعمل على اقتلاعنا, في سياق العنف والعنف المتبادل, والحقد المتصاعد في أتون ما حصل في السنوات الأربع التي مضت, وماقبلها وما قد يحصل حيث الاحتمالات مفتوحة, إذا لم نمتلك الشجاعة –جميعاً- لنمسك قرارنا, ونعمل على ترجمته فعلياً, ونحن قادرون.

أولاً: لأننا جميعاً “حماصنة” فمنا من اكتسب “حمصيته” بحكم الجغرافية, ومنا من اكتسبها بحكم التاريخ, أي بحكم العلاقات والتفاعلات والمصالح المشتركة, التي نشأت داخل ترابها, وتغذت بطيب هوائها, وعذوبة عاصيها, وما تركته من “ملاحة” في وجوه أبنائها, و”طرافة” في تفكيرهم.
ولأن الجغرافية بنت التاريخ بقدر ما هي أمه, فإن حمص تستطيع بحكم هذه الخصوصية, أن تشكل بوتقة لصهر وإنتاج السوريين, لـ سوريتهم أي “وطنيتهم”, لأن الهتك والانتحار الجماعيين حيث يجتاحان ما تبقى من “السورية” في أنفسهم, لصالح هويات ماقبل وطنية, بل وتتناقض معها, وتعمل على التفكيك والتشرذم, الذي سيطال حتى “البنى” الطائفية والعشائرية, مما يجعل العودة إلى الوحدة والسلام والأمن والاستقرار أضغاث أحلام, بل أحلام.

ثانياً: إن حمص –مدينة وريفاً-من خلال تنوعها الطائفي والمذهبي والمجتمعي, وعبر خطوط التماس المادية والنفسية التي تنخر هذا التنوع, وتضعضعه بدل أن تكون مصدر غنى وقوة, فإن ما أصاب هذا التنوع, يعكس حجم الدمار والهتك الذي أصاب البنية الاجتماعية السورية, وما راكمته ممارسات الأطراف الفاعلة على ساحتها عبر عشرات السنين, والذي أعاق بناء الدولة فيها ووسع نشاطها لاستثمارها من أجل مصالحهم وتوسيع نفوذهم, فشكلت حمص من خلال تنوعها “ساحة” لنفث سمومهم, وتصفية حساباتهم, مستغلين في ذلك هذا التنوع, وهذا ما يؤكده تفجير يطال هذا الحي أو ذاك, أو قصفاً لهذا الحي أو ذاك, أو لتلك البلدة, وحيث تزداد وتيرة “الإرهاب” في كل وقت يوشك مشروع اتفاق على أن يفضي إلى العودة إلى الحياة في المدينة, والتي تشكل قاعدة للحل السياسي, أو معياراً أو بوابة لنجاحها, تبلور –جسراً- يعبره السوريون جميعاً, عنواناً لمرحلة قادمة… تكون “الدولة” فيه حقاً هي هذا الجسر وليست وسيلة لسيادة طائفة ما, كبر حجمها أو صغر, في سياق الاستقلال السياسي للدين, والتعبئة السياسية للطائفية, تلك السياسة التي ما انفكت أنظمة الاستبداد وجماعات التطرف والإقصاء, تعزف على وترها, وتوسع استثماراتها فيها, في محاولة لإعادة إنتاج أنظمتها ومنظومتها, واستمراريتها.

ثالثاً: إننا في حي الوعر –هذا الحي- الذي سكنه السوريون من مختلف الطوائف, ونحن نتطلع نحو المستقبل نقول:
لم نحمل السلاح إلا دفاعاً عن النفس بوجه الميليشيات التي اعتدت علينا ومازالت تهددنا, وإننا رغم حصارنا, وما عانيناه في هذا الحصار, لم ولن نعتدى على مؤسسات حكومية, أي تعود ملكيتها للدولة التي نتطلع إليها جميعاً, وإن إعادة تفعيل هذه المؤسسات يصب في بناء التماسك الاجتماعي, الذي يشكل قاعدة لوحدة التراب السوري, كياناً ووطناً, ومجتمعاً, يرسي مناخاً يدفع الجميع أن يروا في السعي الدائم لتخطي فوارقهم, تحقيقاً أفضل لمصالحهم, وحريتهم, وكرامتهم, وسيادتهم, وتمسكهم بالمستقبل.

وأخيراً، لنعمل جميعاً لفك الحصار عن حي الوعر, لأن ذلك يشكل جسراً وبوابة لتفعيل مدينة حمص, كقاطرة إلى الدولة التي نحب, دولة كل السورين.
حمص، الوعر/ 15-2-2015

55 مشاهدة
0 ردود

هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟

تسعدنا مشاركتك ...

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *