

شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
شكراً لاهتمامكم بالتبرع لدعم نشاطات الحزب، حيث يقبل الحزب التبرعات المالية الغير مثقلة بأي شروط مهما كان نوعها ومستواها.
لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل مع رئيس المكتب المالي على البريد الالكتروني [email protected]
كما يمكنكم التواصل مع الرئيس التنفيذي للحزب على العنوان [email protected]
أطيب التحيات.
كالعادة، واكبت التدخل الروسي تحليلات متباينة، وصل بعضها إلى حد التناقض. الطريف في الأمر أن الروس أنفسهم غير متناقضين في تصريحاتهم وأدائهم خلال الأيام الأولى من بدء حربهم في سوريا، لذا يبدو بعض التحليلات كأنه قادم فقط من رغبات أصحابها، أو من محاولة تبرير صمت دول يُفترض بها أن تكون على تعارض مع موسكو. ولأن الواقع لا يشفع لأصحاب التحليلات هذه فهي تأخذ طابع التكهنات أحياناً، وتستند إلى استبعاد موافقة الإدارة الأمريكية على نهج موسكو أحياناً أخرى، أو يُلوّح بالنموذج الأفغاني بصرف النظر عن البون الشاسع بين إدارة ريغان والإدارة الحالية، وأيضاً بصرف النظر عن أن تركيا أو الأردن غير مؤهلتين للعب دور باكستان في تلك القضية.
تفسير الموقف الروسي، إذا توخينا الدقة، سيكون أشبه بتفسير الماء بالماء. فالكرملين بلا مواربة وضع كل من يقاتل نظام بشار الأسد في سلة واحدة هي سلة داعش، وأصبحت تالياً حربه المزعومة على داعش حرباً على جميع معارضي الأسد. أكثر من ذلك، لم يخفِ الروس للحظة أن تدخلهم هو لحماية بشار من السقوط، بشار تحديداً، وليس النظام، متراجعين عن مواربتهم السابقة في ما خصّ تمسّكهم بالمؤسسات لا بالأشخاص. إننا بالأحرى أمام كلام ينبغي ألا يُضاف بعده ما يجعله مثار الشك، بخاصة إذا أخذنا بالحسبان ثبات الدعم الروسي لنظام الأسد منذ انطلاق الثورة، وإذا أخذنا بالحسبان أيضاً التنسيق عالي المستوى بين طهران وموسكو على الصعيد السياسي واللوجستي.
ثم أن موسكو تقول صراحة ما تقوله الإدارة الأميركية مواربة، فتمسّك الأخيرة بالحل السياسي كان في أحسن حالاته يعتمد على موسكو وطهران في إيجاد بديل لبشار الأسد الذي صار يصعب التعامل معه مباشرة، بعد سجل جرائمه الحافل، وفي أسوأ حالاته يعتمد على عدم تعاون موسكو وطهران، ما يعني بقاء الوضع على ما هو عليه، على الأقل حتى يغادر أوباما البيت الأبيض. وإذا أتت موسكو لتفرض بقاء بشار مقابل مشاركتها، ولو المتواضعة، في ضرب داعش فهي مقايضة مقبولة، إذ في النهاية لا ضير من الإبقاء على بشار في وضعية مشابهة لوضعية البشير في الخرطوم. لقد قامت إدارة أوباما سابقاً بـ”واجبها” إزاء عدم السماح بسقوط الأسد، وأن تتنكب موسكو وحدها الآن المهمة القذرة فأمر مرحب به بلا شك، وأن تدفع موسكو الثمن مستقبلاً فذلك مرحب به أيضاً.
تحت المقايضة الكبرى مع واشنطن هناك مقايضات أصغر أُبرمت، أو تلوّح بها موسكو. فالصمت شبه الجماعي العربي لم يخرج عنه سوى تهديد سعودي بالرد لا يمكن الجزم بتوفر القدرة على تنفيذه، وهناك دول مرحّبة علناً أو سراً، فضلاً عن صمت الحكومة التركية التي تعرّضت سابقاً لضغوط أميركية ضخمة، واستهل سلاح الجو الروسي غاراته بمناطق لا تبعد سوى أمتار عن حدودها. المقايضة التي يطرحها بوتين هي نفسها “داعش أو الأسد”، ويظهر من تبنيها الآن أنها لم تكن في الأصل اختراعاً أسدياً. فداعش على نحو ما أظهر حتى الآن يهدد خصوم الأسد في الخليج أكثر مما يهدد أصدقاءه. أما مع تركيا فالمقايضة المطروحة هي إعادة “الوحش” الكردي إلى القمقم، سواء في سوريا أو في الجنوب التركي.
من وجهة النظر الروسية، لقد حانت لحظة الصفقة الكبرى، حيث بموجبها يمكن الإبقاء على الأسد مقابل إعادة الاستقرار إلى دول المنطقة الأخرى، على أن تتولى موسكو مهمة الشرطي معفية الكثيرين من إحراج الرضوخ لطهران. ومن الخطأ الظن بأن بوتين يستولي على الورقة السورية ليستثمرها في تنازلات في الشأن الأوكراني، بل إن سحب الجنود الروس من الجبهة الأوكرانية وزجهم في سوريا دليل على ارتياحه هناك بعد تنفيذه المهمة كاملة بابتلاع شبه جزيرة القرم كواقع نهائي.
من وجهة النظر الروسية أيضاً، ما ينقص نظام الأسد بعض الصواريخ والقذائف الذكية، فضلاً عن تلك الغبية التي ينبغي ألا يتوقف استخدامها. ومن الخطأ الاعتقاد بأن الروس أتوا لحماية قاعدتهم العسكرية، أو لرسم حدود التقسيم. ما كان يُشاع عن حدود لدويلة النظام يتعلق بسوريا المفيدة لإيران، والروس لا يريدون منافستهم عليها لتكون مجرد قاعدة عسكرية تعتمد عليها كلياً على الصعيد الاقتصادي. هم يريدون كافة أراضي سوريا تحت سيطرة النظام. يريدونها ولو كانت مدمرة، لكن المهم أن تكون خالية من أي “تمرد”، ويرون فشل النظام والإيرانيين في اقتصارهما على التدمير العشوائي بدل ترافقه مع استهداف ممنهج و”ذكي” لخصوم النظام.
أما فرضية أن يضحي الروس ببشار الأسد بعد انتهاء المهمة، فهذه لا يسندها أيّ من الوقائع الحالية، ونفيها لا يقوم على تصديق البيانات الروسية الحالية فحسب. إنه مبني في المقام الأول على منطق قوى الهيمنة الخارجية، إيرانية كانت أم روسية، المنطق الذي يرى في ضعف العميل المحلي قوة للخارجي. ثم، إن موسكو ليست أقدر من طهران على تظهير عميل جديد من خارج عائلة الأسد، لو كان ذلك سهلاً أو مطروحاً حقاً.
في الواقع، كيفما قلّبنا الأمر، التدخل الروسي صفعة لجميع القوى الإقليمية المناهضة للنظام، وقبل ذلك هو اعتداء سافر على إرادة السوريين بغطاء دولي أشدّ سفوراً منه. مواجهة هذا الاعتداء لن تكون مستحيلة إذا أُحسِن امتصاص زخمه الأول، وإذا استطاع السوريون التكيف مع نوع مستجد من المقاومة مع المراهنة على استنزاف الروس حتى ترحل إدارة أوباما، لا لعشم كبير في الإدارة القادمة، لكن لأن أية إدارة مقبلة يصعب أن تكون على هذه الدرجة من السوء.
المصدر: المدن
هل ترغب بالتعليق على هذا الموضوع ؟
تسعدنا مشاركتك ...